الصناعات التحويلية وإمكانية إحيائها
قبل أكثر من خمس سنوات تشرفت بزيارة مجموعة من رجال الأعمال الأعضاء في منظمة الرؤساء الشباب بهدف تعريفهم بالفرص الاستثمارية المتاحة لدينا في المملكة، واختتمت الزيارة بلقاء أرسى انطباعا شخصيا مميزا لديهم بالأمير محمد بن فهد. ومن ضمن المشاركين رئيس شركة تعمل في أكثر من 32 دولة في العالم في مجال من المجالات التي استثمر فيها، وتم الاتفاق على زيارة لاحقة لتقييم الوضع بشكل تفصيلي أكثر. وفعلا بعد أشهر تمت الزيارة والنقاشات ولم تصل إلى نتيجة موفقة لسبب لم أعلمه. في الأسابيع الماضية زرته في مقره الرئيس في النمسا بهدف تبادل الخبرات وزيارة أحد مواقعهم الإنتاجية، وخلال النقاش نصحني بزيارة أحد مواقعهم في تركيا بمنطقة قازنتيب التي تبعد عن الحدود السورية نحو 60 كيلو مترا. تفاجأت لماذا تركيا؟ أجابني: الاستثمار الصناعي مجد جدا، وأخبرني أنه بعد لقائنا السابق استثمروا خلال السنوات الخمس الماضية بإنشاء ثلاثة مصانع. ما فاجأني أكثر خلال الزيارة أن تلك المنطقة تحتضن أكثر من 300 مصنع سجاد صناعي ومواده، بل حسب ما أخبرني مستضيفي وجود أكبر مصنع في العالم للسجاد ومواده وهو الذي يحدد السعر العالمي له، كما تحدد شركة أرامكو السعودية سعر الغاز المسال.
تعتبر الصناعات التحويلية أحد المحركات الرئيسة للاقتصاد التركي، فهي تمثل 24.2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي حيث تزايد معدل نمو الصناعات التحويلية التركية خلال العقد الماضي، ويتزايد بمعدل سنوي مركب نسبته 12 في المائة منذ عام 2003. في عام 2012، تجاوزت مستويات نمو الناتج المحلي الإجمالي، حيث وصلت إلى نحو 103 مليارات دولار.
وليس من الغريب أن يظهر دور تركيا في المنطقة باعتبارها مركزًا للتصنيع وفقًا لمؤشر التنافسية العالمية الصناعية GMCI لـ "ديلويت".
وصناعة السجاد معظم موادها من منتجات الصناعات البتروكيماوية الأساسية التي تتميز بها المملكة. أعلم أن هناك اهتماما وجدية كبيرة من وزارة البترول والثروة المعدنية لدينا بدفع المستثمرين في الصناعات البتروكيماوية الأساسية إلى الاستثمار في الصناعات التحويلية، وأعلم جيدا أن هناك محاولات من برنامج التجمعات الصناعية لخلق قطاعات صناعية تعتمد على الميز النسبية، وأتساءل هل لمسنا أي نتيجة على أرض الواقع؟
هيئة المدن الصناعية نمت نموا يمكن وصفه بالخيالي والمتميز وتتوافر أراض صناعية في كل مناطق المملكة فيها الخدمات كافة.
أتساءل هنا كيف يمكننا الاستفادة من قصة نجاح وتميز هيئة المدن في إعادة بناء قطاع الصناعات التحويلية وهو القطاع الخالق للوظائف بديمومة؟