رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


لماذا الوقوف أمام عجلة التغيير؟

"الشيء الوحيد الثابت في الحياة هو التغيير المستمر نفسه". فالتغيير سنة الحياة، والمياه الراكدة التي لا تتحرك تصبح آسنة وسببا لانتقال الأمراض. ولكن كثيرون في مجتمعنا يعشقون الجدل ويعطلون عجلة التغيير دون نظرة عميقة أو رؤية واقعية أو دراسات دقيقة أو مبررات مقنعة، نعم يجادلون حول موضوعات وقضايا مجتمعية مهمة، ثم يقفون في وجه التغيير، ما يؤدي إلى ضياع الوقت وفوات الفرص التنموية وإشغال المجتمع بقضايا هامشية، وإذا لم يجدوا في الدين أو الأنظمة مبررا، ركبوا مطية "خصوصية المجتمع السعودي" وكأنه مجتمع مختلف عن المجتمعات الإنسانية الأخرى! وفي هذه الأثناء يتجاوزنا الزمن ويتوصل العالم - في بعض الأحيان - إلى حلول جديدة، وتقنيات حديثة، أو أساليب سريعة لمعالجة القضايا موضع الجدل. فعلى سبيل المثال، احتدم الجدل قبل عقدين حول أطباق استقبال الفضائيات وأفتى من أفتى بأن من يُثبت طبقا فوق سطح منزله يكن كمن يقترف إحدى الكبائر، ونتج عن ذلك تهشيم بعض الأطباق وتكسير واجهات المحال التي تبيعها. ولكن المذهل أن هذه التقنية لم تلبث أن أصبحت من الضروريات التي لا يكاد يخلو منها مسكن، بما فيها منازل أولئك المعارضين، بل أصبح بعضهم من أكبر ملاك الفضائيات! كما ارتفع "غبار" الجدل حول مدى جواز إصدار بطاقة الأحوال المدنية للمرأة، وبعد وقت وجيز تسابق الكثيرون لإصدار بطاقات لزوجاتهم وبناتهم، اعترافا بأهميتها في حفظ الحقوق والحد من التجاوزات الأمنية.
ويستمر الجدل حول قيادة المرأة لعقود في بلادنا دون بزوغ أي نور في نهاية النفق، في حين تنطلق المرأة في الدول الأخرى لتقود مركبات الفضاء والغواصات وفرق البحوث العلمية، وعندما يفتقر المعارضون إلى دليل مقنع يلجأون لأمور خارج إطار معرفتهم ودائرة اختصاصهم، فيتحدثون - عبثا - عن إصابة المرأة بأضرار صحية في أنوثتها من جراء قيادتها للسيارة!
وقبل ذلك بعقود عديدة وقف بعضهم ضد تعليم المرأة وعرقل إحراز تقدم مبكر في هذا المجال، فأصبحت معظم الوظائف القيادية في التعليم العالي - على سبيل المثال - من نصيب النساء الوافدات من خارج البلاد!
ومن جانب آخر لا يزال الجدل حول المسرح والسينما قائما لسنوات، على الرغم من الاعتراف الضمني بضرورة إعداد الكفاءات التي تستطيع أن تقف على خشبة المسرح وتؤدي أدوارا مهمة في صناعة المسرح والأعمال التلفزيونية والسينمائية لمعالجة قضايا المجتمع وإيصال رسالتنا الاجتماعية والدينية والسياسية للعالم الآخر، ولكن يستمر الجدل هنا، وهناك تتطور البدائل باستخدام التقنيات الحديثة!
خلاصة القول، التنمية كما تنظر إليها الأمم المتحدة هي "توسيع الخيارات أمام الناس سواء أكانت اقتصادية أم اجتماعية أم ثقافية". ومن هذا المنطلق، لماذا الإصرار على الوقوف أمام التغيير الذي يُعطل تقدم المجتمع ويؤجل الوصول إلى حلول عملية لقضاياه؟! أختتم بالتهاني الصادقة للجميع بعيد الأضحى المبارك.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي