رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


نحو استراتيجية جديدة لليمن

بعد نهاية الحكم الملكي في اليمن في عام 1962 انتهت حقبة واليوم يقف اليمن على بداية حقبة جديدة، حقبة يلتقي فيها فشل اليمن مع طموح إيران وتقصير الدول العربية.
الواقعية الإيرانية والأوضاع الصعبة في اليمن لن يسمحا بسيطرة واستقرار ورخاء لليمن لكنهما سيسمحان بجيب نافذ مثل ما حصل في لبنان وكما يحدث في سورية بعد تآكل نظام الأسد. فلا جديد في الممارسة الإيرانية، قد يمتد الطموح الإيراني إلى السيطرة على مضيق باب المندب وبالتالي تتمركز إيران استراتيجيا لجعلها في مركز مساومة وتتفاوض مع الغرب وابتزاز المنطقة العربية. لذلك أتى الإعلان الإيراني الأول يحمل هذه المدلولات: وحدة اليمن واستقلاله وعدم التدخل في شؤونه. أوضاع اليمن معروفة وخاصة بعد الحرب بين الشمال والجنوب وحروب الحوثيين والتدخل الغربي ضد فلول القاعدة والصعوبات المائية والاقتصادية، ولذلك لن تستطيع إيران أو غيرها حل هذه الإشكاليات في المدى المنظور. الجديد لليمن أن إيران ترغب في توظيفه جيواستراتيجيا فقط.
أغلب الكتابات عن اليمن في الأسابيع القليلة الماضية حتى قبل سيطرة الحوثيين على مفاصل الحكومة جاءت كاستنكار وتحسر ولذلك جلها كردة فعل دون استراتيجية واضحة للتعامل مع الأوضاع المأساوية سياسيا وبشريا (راجع «الاقتصادية»، مخاطر فشل اليمن، العدد 6392، بتاريخ 12 /04 /2011، اليمنيون أصبحوا أكبر خطر على أنفسهم، العدد 7407، بتاريخ 21 /01 /2014). بالرغم من تشبث البعض في اليمن أو خارجه بأن اليمن بلد موحد ديمقراطي غني ومقبل على ازدهار وما إلى ذلك من الخلط غير الواقعي في أذهان الكثير من اليمنيين والعرب حتى المسلمين، حان الوقت لإعادة المراجعة وإنقاذ اليمن من فشل نخبه؛ لأسباب استراتيجية وأسباب بشرية على كل من يهمه أمر اليمن وخاصة الجيران في التعامل مع ظروف اليمن. هناك خطوتان ضروريتان لإنقاذ اليمن، ما يجمع هاتين الخطوتين هو مصلحة اليمن بالاعتراف بعيوب المرحلة الماضية أولا والاستعداد لمرحلة أخرى بفكر وممارسة مختلفة.
الخطوة الأولى الدعوة إلى استفتاء لأهل اليمن الجنوبي فيما إذا كانت لديهم رغبة في البقاء مع دولة جديدة قوامها بعد طائفي جديد واضح، فلم يعد اليمن الجديد يشرب من المنبع القومي والوطني القديم بل من منطلق طائفي تقوده إيران. المرحلة الماضية قوضت ولم تعد في علاقة مع وحدة الماضي. أساس اللعبة السياسية تغير وليس عودة عن تقدم الحوثيين أو تراجع الحراك الجنوبي نحو الاستقلال الذي لم يختف أصلا. الخطوة الثانية أن اليمن مازال بلدا قبليا وعشائريا وكما أن القبلية العربية لم تختف في العراق وسورية بعد ما أنجز البلدان من تمدن وخطوات حضرية وتعميق وطني وقومي إلا أن القبلية لا تزال قوة فاعلة على الأرض ولذلك فإن اليمن أقرب منهما إلى النموذج القبلي مهما حاولنا من إسقاطات بعيدة عن الواقع. التنظيم القبلي أقرب إلى الناس من التظاهر بوجود مؤسسات حكومية فاسدة وغير فاعلة جعلت من صنعاء أول عاصمة مهددة بالعطش وتقليص أسعار الوقود بعد تقلص حاد في الإنتاج والمخزون. الحل الأمثل أن تكون الوحدة التنظيمية (سياسيا وإلى حد ما اقتصاديا) هي القبيلة تحت مظلة الحكومة المركزية الضعيفة أصلا إلى حين إيجاد تنظيم اجتماعي بديل بعد عقود. لذلك لا بد للدعم والمساعدة أن يذهبا إلى القيادة القبلية الخيرة.
تشير دراسة البنك السويسري "كريك سويس" إلى فرصة البلدان الصغيرة في تحسن أدائها من الدول الأكبر خاصة في السياسات الاقتصادية والبشرية وحتى الأمنية المباشرة.
سوف ينفعل الكثير في اليمن وخارجه على هذا الطرح وهذا مفهوم ولكن اليمن لم يكن محكوما بكفاءة أو مركزية كما أن وحدته لم تكن اختيارية أو بسلام وحتى في أحسن الظروف (سنوات قبل ما يسمى بالربيع العربي، وبالرغم من المساعدات السعودية والخليجية) لم تتمكن الحكومة من السيطرة على أراضيها وليس هناك سر في كل هذا ولم تصل المساعدات إلى الناس. مصلحة اليمن في عدم المكابرة، بل الانفصال اختياريا وبطريقة حضارية أولا وعدم المركزية ثانيا. إعادة الهيكلة سوف تجعل إدارة اليمن أسهل والمسألة أقرب للناس من مؤسسات فوقية بالاسم فقط وأصبحت مصدر ازدراء ونقمة حيث بددت طاقة اليمنيين عن الأهم: تطوير ما يستطيعون عمله فعليا وعلى الأرض، بل إن التراجع عن كفاءة الحوكمة سيجعل البقية تأخذ طريق اليمن.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي