رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


أحداث جسام كيف يمكن تفسيرها؟

منذ ما يقارب الأربعة عقود وتحديدا مع انطلاق الثورة الإيرانية التي مثلت مرحلة فاصلة في تاريخ المنطقة وليس في تاريخ إيران فقط، فالثورة بمفاهيمها وأهدافها والأحداث التي تلت باتجاه دول ومجتمعات المنطقة مثلت بوابة واسعة لأحداث وحروب، وتغيرات في الفكر والاتجاهات، وموازين القوى في المنطقة، والعلاقات بين الشعوب والحكومات.
توالت الأحداث الجسام على منطقتنا بتحفيز من مخاوف تصدير الثورة، ورغبة في حماية الذات، أو ربما بقصور في إدراك ما وراء الحدث و ما يقود إليه من أحداث أكبر وأشد قساوة على النفس وأكبر أثرا في تماسك المجتمعات ونسيجها الذي أصبح هدفا لقوى مستفيدة من تمزقه وتيهانه وتشتته في مدارات عرقية، ومذهبية، ودينية، مع ما جلبه هذا الوضع من دمار، واستنزاف لثروات الأمة.
أول الأحداث الجسام تمثلت في الحرب العراقية الإيرانية التي استمرت ثماني سنوات أخذت من الأرواح، واستهلكت الكثير من الثروات من إمكانات البلدين والمنطقة، وما أن انتهت الحرب وقبل أن يتنفس أبناء المنطقة الصعداء حتى حدث اجتياح الكويت الذي مثل انتكاسة نفسية وأمنية وتغيرا في المفاهيم، واستنفارا في المنطقة بل والعالم بقيادة غربية وبالأخص الأمريكية والذي انتهى بإيجاد ائتلاف شن حربا على العراق لإجباره على الخروج من الكويت، وهذا ما حدث مع ما ترتب على هزيمة العراق وفرض حصار جائر استمر سنين عانى العراقيون خلالها شظف العيش وبؤس الحياة. في عام 2003 نكبت المنطقة بحرب شرسة على العراق نجم عنها احتلال العراق من قبل أمريكا بحجة وجود أسلحة دمار شامل ترتب عليها تغيير النظام واستبداله بآخر له ولاءات خارجية أسهمت في إيجاد شرخ اجتماعي عميق قسم العراقيين إلى فئات متحاربة، وبلد مضطرب يفتقد الأمن نظرا لمشاعر الكراهية التي بثها الاحتلال بين المكونات الاجتماعية.
ومع الثورات العربية وما ترتب عليها من اختلالات اجتماعية وصعوبات أمنية قادت إلى تدمير مدن وضياع ثروات نتيجة المواجهات المسلحة بين الثوار والأنظمة التي آثرت التصدي لرغبات الشعوب بالسلاح أملا في إخماد الثورات كما في سورية وليبيا والعراق الذي ثار شرفاؤه ضد الظلم والاستبداد، وما تشهده المنطقة الآن من تحرك يستهدف جماعة داعش التي دخلت الساحة السورية والعراقية وأحدثت انقلابا في الوضع خاصة على الساحة العراقية، وهذا ما جعل أمريكا تتحرك لتشكيل تحالف يواجه داعش.
ليس الهدف من طرح الموضوع السرد التاريخي بل للإجابة على سؤال هل يمكن تفسير هذه الأحداث؟ وما المرجعية أو المرجعيات التي من الممكن استخدامها لمعرفة لماذا تتكرر هذه الأحداث في منطقتنا؟ ولماذا نحن نستجيب وننساق وبهرولة وراء من يرتب هذه الأحداث أو يستثمرها لمصلحته السياسية والاقتصادية؟
المرجعية التي أرى ضرورة الاعتماد عليها في التفسير هي السياق النفسي والثقافي والمادي، فالسياق النفسي يتمثل في حالة الشعور بالعجز وعدم الثقة التي ربما تشكلت خلال العقود الماضية حتى أن أبرز ملامحها يتمثل في الاعتماد على الآخر للتفكير والتخطيط والعمل بالنيابة في كثير من الحالات وهذا بدوره عطل الإمكانات والقدرات الذاتية وعدم قدرتها على العمل الفعال الذي يحفظ المصالح ويقوي المبادئ. السياق النفسي ليس بالضرورة مرتبطا بالشعوب، بل يخص النظام السياسي العربي الذي يشعر بعزلته ووجود مسافة فاصلة بينه وبين الشعوب نتيجة سياسات تنموية وتنظيمية خاطئة.
السياق الثقافي مهم في التفسير إذ قد يوجد مكونات ثقافية تظهر آثارها في طريقة التفكير، وتشكيل الاتجاهات المعيقة لاتخاذ القرار السليم في الوقت المناسب. السياق الثقافي قد تستدعى جزئيات من مكوناته في مواقف محددة تعيق التحرك السليم سواء من متخذ القرار أو من قوى اجتماعية تملي عليها مصالحها توجيه الأحداث بما يضمن المصالح.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي