رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


بالقانون والحكمة .. فك ارتباط السعوديين من قانون الجنسية الأمريكية

تفرض الإدارة الأمريكية في هذه الأيام هجمة قوية تجاه تطبيق قانون الامتثال الضريبي FATCA الذي صدر في تموز (يوليو) الماضي، وقانون الامتثال الضريبي الأمريكي ينص على وضع جميع الحاصلين على الجنسية الأمريكية في موقع الملاحقة من قبل مصلحة الضرائب الأمريكية.
بمعنى أن قانون الامتثال الضريبي يطول السعوديين الذين سافروا إلى بلاد العم سام وعاشوا في أمريكا إما بقصد التعليم وإما بقصد العمل، ولكن أثناء وجودهم وسط المجتمع الأمريكي بهرتهم مظاهر الحياة المادية، وتراقصت أمامهم فنون هوليوود المغرية، فراق لهم العيش بين ظهراني المجتمع الأمريكي منبهرين بالحياة الأمريكية أو الأمركة الحياتية، وتقدموا إلى قانون الجنسية الذي فتح أمامهم مجال التجنس على مصراعيه، فتعجلوا وتهافتوا على طلب الجنسية الأمريكية.
وحينما كنا ندرس في الولايات المتحدة قابلنا عددا من المبتعثين الشداة الذين بهرتهم الحياة الأمريكية واندفعوا يطلبون الجنسية الأمريكية جنبا إلى جنب الجنسية السعودية، وكنا نسدي لهم النصح بأن الحصول على الجنسية الأمريكية يخالف النظام السعودي حيث إن النظام السعودي لا يقبل بمبدأ ازدواج الجنسية، ومن ناحيته فإن النظام الأمريكي يفرض على الحاصل على الجنسية حقوق المواطنة الأمريكية، وأهم هذه الحقوق دفع الضرائب التي قد تصل في بعض الولايات إلى نحو 40 في المائة من الدخل، الأكثر من هذا، أن النظام الأمريكي حاد وجاد في الحصول على حقوقه الضريبية وإن المواطن أو المستوطن لا يستطيع التنصل من الضرائب، أي أن الضريبة حق مقدس للدولة الأمريكية على حامل الجنسية الأمريكية، والحكومة الأمريكية لا تلعب ولا تتهاون في الحصول على حقوقها الضريبية، وأكدنا للشداة أن التهرب من دفع الضريبة يعرض المتهرب للاعتقال والسجن، وأنه لا محال دفع للضريبة عاجلاّ أم آجلا.
ولكن يبدو أن المبتعثين هم من فئة الشباب النازق الذين لا يزنون الأمور بميزان الموضوعية، بل قام بعضهم بالاقتران بالشقراوات الأمريكيات إمعانا في الانصهار في المجتمع الأمريكي، ودخل ـــ بعد ذلك ــــ في ردهات المحاكم يلاحق مجموعة من قضايا الأحوال الشخصية التي "طيّنت" عيشته.
واليوم يطرح موضوع الضرائب نفسه على السعوديين الذين ألهتهم مغريات الحياة الأمريكية، وتعجلوا في التقدم لطلب الجنسية الأمريكية، حيث تستعد مصلحة الضرائب الأمريكية اتخاذ الإجراءات الصارمة لتعقب كل الهاربين من دفع الضرائب وفي كل أنحاء العالم.
وعلى السعوديين المولودين في أمريكا أن يعوا أنهم ـــ من وجهة نظر القانون الأمريكي ــــ هم أمريكيون بالولادة وعليهم الحذر من استخدام جواز السفر الأمريكي.
ولا توجد بين أيدينا إحصائية دقيقة عن عدد السعوديين الذين يحملون الجنسية الأمريكية، ولكن بعض الإحصائيات تقدر عدد السعوديين الحاصلين على الجنسية بما يربو على الـ 200 ألف مواطن ومواطنة.
وإذا قدرنا أن معدل الاستحقاق الضريبي على الفرد السعودي الحاصل على الجنسية الأمريكية هو ــــ في المتوسط ـــ 50 ألف دولار، فإن ما ستحصل عليه الحكومة الأمريكية من السعوديين المتأمركين يتجاوز مليارات الدولارات.
واليوم السعوديون الذين اندفعوا إلى الحصول على الجنسية الأمريكية هم الذين يندفعون للتخلص من الجنسية الأمريكية، ولكن القانون الأمريكي لا يسمح بسهولة لمن أخذ الجنسية الأمريكية أن يتنازل عنها بصرف النظر عن جنسياتهم الأصلية.
إن الموضوع يحتاج إلى مبادرات عاجلة ومدروسة، فالذين أخذوا الجنسية الأمريكية عادوا الآن إلى رشدهم، وهم في أمس الحاجة إلى موقف وطني شهم من قبل المجتمع المدني السعودي، وأخص بالذات المحامين السعوديين الذين يجب أن يبحثوا عن الطرق القانونية المناسبة للخروج من هذا المأزق حتى يعيدوا بسلام هؤلاء المواطنين إلى حضن الوطن بعيدا عن ملاحقات الأحوال المدنية الأمريكية.
دعونا نبعد حكومتنا الرشيدة عن هذا الموضوع، لأن القانون الأمريكي لا يعطي للحكومة السعودية حق الدفاع عن المواطنين الأمريكيين حتى لو كانوا ينحدرون من أصول سعودية، وإبعاد الحكومة السعودية فيه فائدة كبيرة للقضية، وأهم فوائدها ألا تدخل القضية في دهاليز السياسة، ويجب أن نعرف أن أمريكا اليوم تسعى إلى تدبير الأموال من هنا وهناك لتسديد قائمة الديون التي تعانيها التي تجاوزت 30 تريليون دولار، ويعتبر التهرب الضريبي أحد المصادر المهمة الكفيلة بتدبير مال مستحق لخزانة الحكومة الأمريكية.
ونعترف بأن الوصول إلى حلول لهذا الملف الشائك سيستغرق وقتا وجهدا ومالا، ولكن ليس كثيرا على مقدري المسؤولية الاجتماعية أن يبادروا بدعم هذا الملف الوطني المهم.
وأؤكد أن ترك هذا الملف لملاحقة الحكومة الأمريكية فيه خطر يتهدد أولادنا وعائلاتنا، وبالذات أولئك الذين تكشفت أمامهم الحقيقة واضحة واعترفوا بأن الظروف كانت أكبر من تجاربهم الغضة، فغررت بهم الحياة وجعلتهم في لحظة ضعف يركضون خلف السراب.
أتمنى أن نسمع قريبا عن أياد كريمة تبدأ في تجميع المعلومات وإعداد الملف قبل أن تصعقنا أنباء اعتقالات متوقعة لسعوديين نستطيع أن نقول إنهم من ضحايا الحضارة الغربية المضللة، وأؤكد أن عامل الوقت مهم حتى لا تنسحب القضية إلى الجيلين الثاني والثالث فتتشعب الأمور وتصل إلى قضايا الأحوال الشخصية والمواريث وما إلى ذلك.
كان الله في عون الشباب في الحال وفي كل الأحوال.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي