رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


الوطن الخليجي .. شعوب بلا أهداف

ما مصيرك عندما تعيش طول حياتك بدون أهداف ولا رؤية؟ لا شك في أن المصير في مثل هذا الوضع سوف يكون إلى المجهول. ومن منا يود أو يقبل أن ينتهي به الأمر إلى حفرة وسط الصحراء لا يعلم مدى وحشتها ولا استحالة الحياة فوقها بدون دخل إلا الله -سبحانه وتعالى-. أنت اليوم، أيها الخليجي الحبيب، ترفل في نعمة من الله ثم الدخل الكبير من المصادر النفطية الناضبة. ويتمتع الكثيرون منا في بحبوحة من العيش والخدمات الشخصية التي توفرها لنا ملايين العمالة الوافدة.
وهذه هي بعض الأهداف التي نود تحقيقها:
الهدف الأول، يتعلق بتغيير المفاهيم لدى عامة أفراد الشعوب الخليجية، بأننا جزء من هذا العالم المكافح من أجل لقمة العيش. وأننا لسنا من جنس آخر أكبر همه أن يأكل ويشرب ولا يُنتِج. ونود هنا أن ننفي صفة التعميم حتى لا يتهمنا أحد بأننا نبالغ في الأمر. والمقياس الذي نقصده هو هيمنة المداخيل النفطية على ميزانيات الدول الخليجية، التي تصل إلى أكثر من 90 في المائة من محتويات الميزانية.
الهدف الثاني، الاستعداد لما بعد النفط. هذا الأمر، رغم أهميته، إلا أنه مهمل إلى حد كبير. وكان الأولى أن نسمع عن تخصيص جزء من أوقات الوزراء ومن هم على رأس المسؤولية لمداولة الأفكار التي تتعلق بمصير هذه الشعوب بعد انحسار الدخل النفطي. ونحن نعلم أن موضوع النضوب النفطي هو من أكثر المواضيع غموضا لأسباب لا حصر لها. ولا نود الدخول في مناقشتها في هذا الحيز المحدود من المقال. ولكننا سنوضح بعض الأمور باختصار وبتبسيط شديد. فعمر النفط ليس هو ناتج قسمة الاحتياطي القابل للإنتاج على متوسط الإنتاج السنوي. لأن مستوى الإنتاج بعد وصول الذروة يبدأ بالنزول، وفي الوقت نفسه ترتفع تكاليف الإنتاج بوتيرة سريعة. ولذلك، فالأهم هو مقدار الدخل النفطي الذي من المتوقع أن ينخفض استجابة لهذين العاملين، قلة المحصول وارتفاع التكلفة. والأمر ليس بالبساطة التي نتخيلها. فنحن نتحدث عن شعوب تعودت على الدخل الكبير والرفاه المسرف والاعتماد على الغير. ناهيك عن الزيادة المفرطة في عدد السكان. فأي صدمة سنعاني منها عندما يبدأ الدخل في التراجع؟ أما الصدمة الكبرى، كفانا الله وإياكم شرها، فهي تلك التي لا نتجرأ على الحديث عنها ولا عن عواقبها وما ستجره علينا من الصعوبات المعيشية التي لا قِبَلَ لنا بها، وذلك عند انتهاء عصر النفط ونحن لا نزال في سبات عميق. وعندما يكون الحديث عن انخفاض الدخل النفطي، فلا نتوقع أن يكون ذلك الحدث بعيدا. وقد لا يمكننا الوقت من إعداد أنفسنا لذلك العصر المخيف ونحن لم نبدأ بعد الخطوة الأولى من الألف خطوة. وهذا ما دعانا للاستنجاد بمن لديهم الحل والربط بألا يتركونا ضحية لفشل التخطيط وعدم وضوح الرؤية.
الهدف الثالث، لا بد من نظرة حقيقية لتطوير مناهج التعليم. وهذا الموضوع قد أعيى الكتاب والمحللين وملأ الكتب وأتعب الأقلام، ولم نر نتيجة يرتاح لها الضمير. نتحدث كثيرا عن المناهج ولا نذكر أي شيء عن المدرس التقليدي الذي هو صلب ضعف تخريج الطلاب. فتعليمنا منذ أن عرفنا المدارس الحديثة يعتمد على الحفظ والصم والتلقين. لا حرية تعبير ولا بحوث علمية تدرب الطالب على تحمل المسؤولية ولا أعمال يدوية بسيطة ضمن مواد التعليم من أجل أن تخلق في الطلاب حب العمل واختيار المهن وممارسة الهوايات. ونقصد بحرية التعبير أن يستطيع الطالب من المراحل الأولى التعبير عن موضوع ما من حياته الخاصة أو ما يتعلق بالمجتمع حتى يتدرب على الإلقاء والمحادثة، كما نشاهد عند معظم الشعوب. ونحن نتفهم صعوبة التغيير لضخامة المسؤولية ومحدودية الإمكانات البشرية والإدارية. ولذلك فمن الممكن أن نحدد ملامح الخطة ثم نبدأ بمدارس نموذجية تكون قدوة لمدارس المستقبل. وأن يكون تنفيذ الخطة شرطا من شروط موافقة وزارة التربية والتعليم على إنشاء المدارس الخاصة الجديدة.
الهدف الرابع، تحليل ودراسة مستقبل العمالة الوافدة في جميع دول الخليج. فليس سرا أن نسبة وجودهم في بعض مجتمعاتنا الخليجية تصل إلى نسبة كبيرة من عدد السكان. فهل من المنطق أن نفترض أن الخليجي الواحد بحاجة إلى وجود عدد من الوافدين؟ وحتى لو بلغت النسبة 50 في المائة فهي نسبة عالية. ونعتبر أن وجود الأجنبي بهذه النسب عبارة عن قنابل موقوتة. فنسبة كبيرة منهم أصبحوا عالة على اقتصادنا. ولنضرب لذلك مثلا حيّا ومن صميم الواقع. فعدد كبير منهم، قد يتجاوز الملايين، سمحنا لهم بطرق غير نظامية أن يمارسوا تجارة التجزئة لحسابهم. أي أنهم يربحون من جيوبنا دون أن يكون ذلك خدمة لنا. بل نحن الذين نخدمهم. وهذه الفئة من الوافدين تستخدم جميع المرافق والبنية التحتية المتاحة للمواطن. وتستفيد من الإعفاءات والتخفيضات والإعانات التي تكلف خزانة الدولة البلايين. والغريب أن الوضع يزداد سوءا، فالعمالة من جميع الفئات التي ذكرناها في ازدياد ولا أمل في أن تتحرك أي جهة في الدولة، لا وزارة العمل ولا وزارة الداخلية ولا وزارة التجارة ولا وزارة الشؤون البلدية ولا وزارة الخارجية. وكل يظن أن الأمر لا يعنيه، والضحية المواطن والاقتصاد الوطني. ونود أن نوجه سؤالا لمن اعتادوا السفر خارج المملكة، إما للدراسة أو السياحة أو العمل، هل شاهدتم في أي مدينة وضعا مشابها لحالنا من عدد محال التجزئة "الدكاكين والورش" التي نشاهدها في مدننا وقرانا وبالكم نفسه؟ وما هي الحكمة من السماح لأي مواطن بأن يستأجر محلا صغيرا على شارع عام ويسلمه لأجنبي يتصرف فيه كيفما شاء مقابل حفنة من النقود يسلمها له في آخر الشهر أو السنة؟ وهل هناك صعوبة لدى المسؤولين لاكتشاف الحيلة أو التحايل الظاهر للعيان؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي