خصخصة الوظائف الخدمية
من أهم التوجهات التي تتبعها القطاعات الحكومية الخدمية في هذا الوقت خصخصة الوظائف الخدمية لديها لتقدم بأيد محترفة تراعي احتياجات المستفيدين، وتمارس عملها بمهنية وإتقان. هذا التوجه سيخفف كثيرا العبء على القطاعات الحكومية الرسمية، ويفتح المجال أمام مؤسسات القطاع الخاص لتمارس عملها بطريقة ربحية تهتم بقياس الرضا ونوع الخدمة المقدمة. وهذا يختلف كثيرا عن الخدمات التي تقدم تحت النظام الرسمي الذي يمتاز بالاستقرار الوظيفي، وهو ما يعاب عليه أيضا حيث إن هذا الاستقرار يخفض القدرة على التميز في الخدمة ويقتل الدافعية لدى الموظفين للبذل والعطاء بحثا عن الترقيات والمكاسب المادية الأخرى، حيث إن الجميع في هذا النظام سواسية.
لكن ما يعاب على العديد من القطاعات الخدمية التي أسندت مهامها إلى مؤسسات من القطاع الخاص مثل الخدمات المرورية، وخدمات الأمن وغيرها أنها لم تهتم بالجودة، أو التميز في الخدمات. ذلك أن هذه العقود تطرح في شكل منافسات لا تهتم كثيرا بأدق التفاصيل. فمثلا السيارات المخصصة لتغطية الحوادث المرورية ضعيفة جدا وتعد من فئة السيارات الدنيا، والعاملون فيها يفتقدون كثيرا من مهارات التواصل مع الجمهور، وإلى أكثر من ذلك في مهارات الظهور الشخصي أمام الناس.
المشكلة هنا مشتركة بين القطاعات الرسمية التي أسندت مهام تقديم هذه الخدمات لشركات ومؤسسات لا تملك خبرة، ولا سجلا تتميز به عن غيرها، وبين شركات ومؤسسات أتت بهدف تحقيق الربح وتعظيم المكاسب الخاصة على أية مكاسب آخرى للمستفيدين أو للعاملين في هذه القطاعات. تتمثل مشكلة القطاعات الحكومية في ضعف بناء الشروط والمواصفات الملزمة لهذه الشركات في تنفيذ الخدمات وتقديم الدعم اللوجستي المطلوب. إضافة إلى ضعف وأحيانا تساهل في الرقابة على الأداء والمطالبة بتحسين الخدمات لترتقي لما ينتظر من هذا البرنامج القائم على خصخصة الوظائف والخدمات المقدمة. كما تتركز مشكلة المؤسسات والشركات في ضعف التخطيط الاستراتيجي لديها لتقديم خدمات مستديمة ورائدة تتوافق مع متطلبات العصر الذي نعيشه. فهذه الشركات لا تركز على استقطاب الكفاءات المميزة، ولا تقدم التدريب اللازم ولا تضع الاشتراطات والتنظيمات الأساسية للارتقاء بمستوى الخدمات بقدر رغبتها في تسيير الأمور. ويبقى التواصل مع المستفيد من الخدمات هو من أبرز الحلقات المفقودة في تطوير وتحسين مستوى الخدمات المقدمة. حيث تركز أبرز مدارس تقييم الأداء في معاييرها غير المالية على مستوى الرضا الذي تحققه الخدمات من قبل مستفيديها. وهنا يمكن الخروج من الموضوع بخلاصة أن غياب الجهات الاستشارية والرقابية المساندة لتحسين الشروط والمواصفات للانتقال من الخدمات الحكومية إلى الخدمات المقدمة عن طريق القطاع الخاص من أهم متطلبات المرحلة المقبلة قبل الدخول في تقديم خدمات إضافية باحترافية متدنية.