القانون هو الحل للانفلات الجماهيري
ربما الحادثة الأكثر تداولا في السعودية خلال الأسبوع الجاري، هي مشهد ضرب رجل أمن لمشجع على أرض ملعب الملك فهد الدولي في الرياض خلال مباراة الهلال والسد القطري، ضمن مباريات ربع النهائي في دوري محترفي آسيا.
مشاهد القسوة في الضرب لا شك كانت مؤلمة وتأذت منها نفسيات كثير من المشاهدين، وغالبا ما يكون التعاطف مع المشجع لصغر سنه، ولأنه تعرض لإهانة خلال المشهد الذي رآه مئات الآلاف في الملعب وأمام شاشات التلفاز، ولكن هل من المقبول أن نحمل "رجل الأمن" كامل المسؤولية ونتغاضى عما حدث قبل حادثة الضرب القاسي التي تعرض لها المشجع.
المقاطع التي نزلت تباعا عن الحادثة كشفت أن المشجع قبل تعرضه للضرب اقتحم الملعب، ثم بادر بدفع رجل الأمن وإسقاطه أرضا وسط صيحات ساخرة من الجماهير الكثيفة التي حضرت اللقاء.. قبل أن تحكم على رجل الأمن وتجلده بسياط النقد ضع نفسك مكانه.. وأجزم أنك ستلتمس له ألف عذر.
لا أعني أن رجل الأمن لا يستحق العقاب، وأن الحادثة يجب أن تمر مرور الكرام، ولكن يجب ألا نقسو عليه، ويجب أن نتعامل مع الحادثة و"الخطأ" بحياد، فما حدث خطأ من المشجع قابله خطأ من رجل الأمن. لا أنكر أن بعض رجال الأمن ينقصهم بعض الوعي في التعامل مع مثل تلك الحالات ويبادرون أحيانا إلى معالجتها بشكل فردي، ومن هنا نكون قد وقعنا في خطأ آخر بدلا من علاجه.. ولا ننكر أيضا أن قلة من الجماهير تعد منفلتة وتقوم بأمور خارجة عن المعقول، في ظل غياب قانون يعاقب مثل هذه الحالات وقادر على الحد منها.. كالمنع من دخول الملعب ووضعهم في القائمة السوداء لسنوات أو السجن مثلا، كما يفعل في بعض الدول الأوروبية.
نعم نحتاج إلى قانون واضح وصريح تسنه الرئاسة العامة لرعاية الشباب، بالمشاركة مع الجهات المختصة كوزارة الداخلية. قانون رادع يردع المشجع ويمنعه من اقتحام الملاعب وإثارة الشغب.. متى ما كانت العقوبة واضحة وتم تفعيلها، فبلا أدنى شك سنجد تقلصا في أعداد مثل هذا الحالات من الشغب والانفلات الجماهيري.
رجل الأمن ليس ملاكا.. وهو معرض للخطأ ويجب ألا نحمل أهم جهاز في البلد، وله الفضل بعد الله فيما نحن عليه من أمن وأمان، وزر الخطأ الفردي.. توعية رجال الأمن وسن قوانين قادران على عدم تكرار ما شاهدناه في ليلة الأربعاء الماضي.