رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


الثقافة المجتمعية من يصنعها؟

لكل مجتمع ثقافته العامة التي يشترك فيها عموم أبناء الوطن، ويلتقون بشكل، أو بآخر عند أسس، وجذور هذه الثقافة، وما من شك أن الأجيال تتوارث ثقافتها لكن في الوقت ذاته تحدث تغيرات على بعض مكونات الثقافة نتيجة التحولات الاقتصادية، والنمو المعرفي، والتغيرات التقنية التي أصبح لها تأثير كبير على حياة الناس، وذلك لما تتميز به من جاذبية، وقوة تأثير، وسرعة في نقل المعلومة، وسهولة استخدام.
ومع التسليم بأن الثقافة العامة أشبه ما تكون بالخيمة العامة إلا أن هذا لا ينفي وجود ثقافات خاصة حسب العرق، والجنس، والمهنة، والمناطق، والعمر، إذ في الدول التي يوجد فيها تنوع عرقي يلاحظ الاختلاف الثقافي بين بني الأعراق المختلفة، ففي المجتمعات العربية حيث التركيبة القبلية تتضح الاختلافات بين القبائل المختلفة، وهذا يتضح أيضا بين الأعراق التي توجد في أمريكا وأوروبا وإفريقيا وغيرها من مناطق العالم، كما أن الذكور لهم عناصر ثقافية تميزهم في بعض الجوانب عن الإناث.
أصحاب المهن المختلفة يوجد لهم ثقافات نوعية، ومن ينتسب لأي مهنة يكتسب مع الوقت ثقافة المهنة التي ينتسب لها، فالمعلمون، والبناؤون، والأطباء، والحرفيون، كل فئة من هذه الفئات المهنية لو تمعنا فيها لوجدنا ما يميز كل فئة ثقافيا عن غيرها، وتظهر التمايزات على السلوك، والألفاظ المتداولة.
المناطق المختلفة الساحلية، والصحراوية، والجبلية، والداخلية، والخارجية تترك أثرها على الناس في لمسات ثقافية يظهر تمايزها بشكل واضح في اللباس، والأكل، والعلاقات بين الناس. المراحل العمرية تمثل محطات قابلة لاختبار وتذوق بعض الثقافات، وخاصة في مرحلة المراهقة، التي يظهر فيها المراهقون الميل للظهور بمظاهر غريبة، وفي الغالب تكون مكتسبة من ثقافات أخرى، وهذا ما نشاهده في اللباس، وقصات الشعر، وفي طريقة الحديث مع ما يعنيه هذا الشيء من رغبة في جلب الأنظار لمن يتصرف هذه التصرفات. وتجدر الإشارة إلى أن ما يطرأ على الفرد من تغيرات ثقافية خلال المراحل العمرية ليس من الضروري أن تكون ثابتة، بل قد تتغير، ويعود الفرد إلى ثقافته الأصلية، وهذا ما يمكن تسميته بالثقافة الطارئة.
السؤال المهم عند الحديث عن الثقافة هو: هل نحن نصنع ثقافتنا، أم أن طرفا آخر يصنع لنا هذه الثقافة، ونجد أنفسنا منساقين وراء هذه الثقافة التي قد تكون وافدة، وربما تتعارض مع ثوابت المجتمع؟ الإعلام يلعب دورا بارزا في التحولات الثقافية، وقوة الإعلام المتناهية في الوقت الراهن وسطوته نجد آثارها في التغيرات التي تمر بها المجتمعات، والأفراد. ومن الأهمية بمكان أن نسأل: لماذا نلبس ما نلبسه، ولماذا نأكل ما نأكله، وكيف نلبس ونأكل؟! من يستخدم الشوكة والملعقة في الأكل قد يستغرب وبصورة تصل إلى الإنكار على من يأكل بيده كما في الشرق الأوسط والهند، ولعله من المناسب الإشارة إلى ما حدث من الإعلامية "أوبرا" حين زارت الهند وجعلت من عادة الأكل باليد مجالا للاستهزاء بهذا الجزء من الثقافة الهندية، لكن صلابة الهنود واعتزازهم بها أجبر "أوبرا" على الاعتذار.
الإعلام، خاصة الأفلام والبرامج الترفيهية والدعاية، وبالذات ما يستهدف الأطفال لها دور بارز في إحداث التغيرات الثقافية، ولعل مما يلفت الانتباه في بعض الدعايات هو استخدامها لغة ضمير المتكلم فعلى سبيل المثال، دعاية لأحد مطاعم "البرجر" تقول الدعاية وبكلمة معربة "تربلها" أي اجعل "البرجر" ثلاث طبقات من اللحم والجبنة، وتظهر هذه الكلمة بجانب صورة "البرجر" الملونة، المهم في هذا المثال هو آثارها ذات العلاقة في ثقافة الأكل من حيث نوعه، والكيفية، والطريقة التي يتم تناول الوجبة بها خاصة مع هذا الحجم الكبير للبرجر التي وردت في الدعاية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي