أم أميرة
هي سيدة مصرية قدمت من مدينة أسوان من أقصى الصعيد في مصر إلى محافظة القاهرة، لتبحث عن لقمة العيش بين ملايين البشر الذين تزدحم بهم عاصمة "أم الدنيا"، امرأة مكافحة بمجرد النظر إلى وجهها الأسمر ستحدثك تلك التجاعيد عن فصول من الإصرار والصمود وعزيمة لا تعرف الانكسار.
منذ 20 عاما و"أم أميرة" تخرج من منزلها كل يوم فجرا، تجر أنبوبة الغاز وتقوم بتوصيلها بفرن صغير، تضع فوقه "حلة" زيت كبيرة، حيث تقوم بقلي شرائح البطاطس وإعداد الساندويتشات لزبائنها الذين اعتادوا المرور يوميا على كشك "الست أم أميرة"، ورغم كل الأحداث المريرة استطاعت هذه السيدة الصابرة أن تظل صامدة، فقد توفيت ابنتها الشابة المريضة بالقلب فقامت بتغسيلها وتكفينها، وبعد أسبوع عادت لتكافح من جديد من أجل توفير لقمة العيش لزوجها المريض وابنتها الصغرى، وبعد أشهر من وفاة ابنتها توفي زوجها، فتوكأت على عكاز التصبر من جديد وعادت لرحلة كفاحها، من أجل مستقبل أفضل لابنتها الصغيرة.
كان من الممكن أن تطوى حكاية كفاح "أم أميرة"، كما طويت آلاف الحكايات التي لم ينتبه إليها أحد، لولا أن مخرجا ناشئا اسمه ناجي إسماعيل لفت انتباهه إصرار تلك السيدة التي تسابق العصافير في نهوضها فجرا، وهمتها العالية التي لا تعرف المستحيل، وابتسامتها النابعة من قلبها التي تستقبل بها زبائنها، وكلمات الرضا التي ترددها دوما، حيث أقنعها بتصوير حكايتها في فيلم تسجيلي من شأنه أن يلهم الآخرين، ويقدم لهم أنموذجا للتحدي الإنساني الذي لا ينكسر أمام حوادث الحياة ومفاجآتها، وبكل ترحيب وافقت "الست أم أميرة"، تم تصوير الفيلم التسجيلي الذي لم تتجاوز مدته 24 دقيقة، واختير للمشاركة في مسابقة الأفلام القصيرة في مهرجان برلين السينمائي الدولي 2014 ليكون أول فيلم مصري قصير ينافس في هذه المسابقة، كما فاز بجائزة "إكت" لأفضل فيلم عن قضايا المرأة في الإسماعيلية، كما تم اختياره للعرض رسميا ضمن مهرجان الفيلم العربي في تكساس وأيضا ضمن السينما الإفريقية.. والقائمة تطول!
مجرد سؤال
كم من حكايات الكفاح الملهمة التي يطويها النسيان ويرحل أصحابها دون أن ينتبه لها أحد؟
ولماذا لا نجعل مثل هؤلاء المكافحين نماذج عربية ملهمة لأبنائنا، بدل أن نبحث بعيدا في الكتب المترجمة؟!