رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


الحل التنموي: القاعدة الفكرية

"إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم .." الآية
في بداية شهر 12 من العام الماضي حضرت ندوتين اقتصاديتين، الأولى عن دور القطاع الخاص والثانية متعددة المحاور - منتدى الرياض الاقتصادي وبعدها لم تأت الميزانية بخيارات اقتصادية واضحة . أي منهم لم يتصد للتحدي الاقتصادي التنموي للمملكة. ولذلك حان الوقت لمراجعة نوعية تبدأ بتشخيص الإشكالية. هناك وجهان للإشكالية لا يمكن فصلهما، الأول تنموي - بمعنى تخلف المملكة عن الاقتصاديات الحديثة في سلم الرقي والإنتاجية، والوجه الآخر يتمخض في التهديدات الاقتصادية المباشرة من بطالة (وتداخل ذلك مع الهجرة الاقتصادية إلى المملكة والنمو السكاني) فمثلا تشير إحصائية حديثة إلى أن البطالة بين الشباب في المملكة ثاني أعلى مستوى بعد جنوب إفريقيا بين دول مجموعة العشرين، استفحال منظومة المصروفات والدعم اعتمادا على تنامي دخل من سلعة واحدة متذبذبة دون أي سياسة ضريبية أو فرز واضح بين الاستثمار والمصروفات الجارية وخلط الدعم مع الإنفاق وضع اقتصادي غير مستدام. التعلم فقط من تراكم فوائض مالية تحسبا لنزول مستقبلي احتراز جيد، ولكنه سياسة مالية وليست اقتصادية ناهيك أن تكون تنموية.
هناك تداخل بين التنموي والاقتصادي، محاولة فصلهما عبثية ولكنها عمليا ضرورية في سلم السياسات التي لا بد أن تكون تدرجية. نظرا لصعوبة التحدي لا بد من تغيير في النموذج، فالمنادات بحلول قصيرة الأجل أو جزئية لا يمكن أن يستمر دون رفع المخاطر على سلامة المجتمع. تشابك التنموي والاقتصادي يلتقي في منظومات التصرفات فدون تغيير في التصرفات الفردية والجمعية تصبح الدعوة إلى نموذج تنموي أو أي تغيير جذري في الاقتصاد إما رياء أو جهلا أو تهربا. فكما تذكر الآية الكريمة لن يتغير الوضع دون أن نغير ما بأنفسنا على جميع المستويات. تغيير التصرفات مرتبط عضويا بتغيير سياسات عميق. انطلق منهجيا من ثلاث فرضيات الأولى أن أمن الوطن يعتمد في الأخير على الحيوية الاقتصادية، الثانية أن اقتصاد المملكة "ضخم وكبر" دون تمكن بشري ذاتي فرديا ومؤسساتيا. لذلك هناك فجوة بين الوعي (المطالبة بتكبير أكثر في ظل عدم التوازن الصحي) والحقائق على الأرض (ضعف الكفاءة والإنتاجية). الفرضية الثالثة أن الاقتصاد هو المدخل الأسهل (لسهولة القياس فيه مقارنة بالسياسة والاجتماع) لإحداث تغيير مجتمعي، مع الوقت تطورت فجوات في الفكر والممارسة لدى المجتمع ونخبة. السبيل إلى كسر هذه الفجوة هو تغيير في طريقة التواصل بيننا فرديا ومؤسساتيا. التواصل لا يتم دون إشارات واضحة، أكاد أن أصف علم الاقتصاد بأنه علم الإشارات. من خلال الرسائل الحقيقية والواقعية نستطيع تغيير تصرفات الناس.
الرسائل الحقيقية تعبر عن خيارات تصب في الإنتاج على حساب الاستهلاك والعمل على حساب الاستفادة من الوظيفة والفرز بين الكفاءة والانتماء إلى شلة والنظرة للتعليم لتراكم المعرفة والانتقال من مستوى إلى آخر دخلا ودورا في المجتمع وليس لشهادة. تمكين المجتمع من التغيير التنموي في الأخير يبدأ من استحضار الحالة الذهنية والعزيمة للنخب القادرة على صنع القرار. في عمود الأسبوع القادم سوف نستعرض السياسات الاقتصادية التي تستطيع استيعاب وحمل الرسائل لإحداث تغيير حقيقي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي