رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


إسرائيل .. في خندق الصراع على الوجود

نعي تماماً أن الكلام في هذه الأيام عن زوال إسرائيل هو ضرب من ضروب الخيال، ولكن حينما نتحدث عن نظرية علمية في الدورات التاريخية، فإننا يجب أن نقف عند هذه المحطة ملياً، لأن النظرية تقول لنا: إن مآل إسرائيل إلى زوال أمر وارد، ولكن لا بد من أسباب موضوعية لكي يتحقق الزوال.
ومن الأسباب الموضوعية التي يمكن مناقشتها هو أن إعلام التواصل الاجتماعي سيلعب دوراً مهما في إعادة تشكيل الرأي العام الغربي على أسس موضوعية وواقعية.
في الأسبوع الماضي تناول كبار الكتاب في الصحف الكبرى في العواصم الغربية في مقالاتهم قضية التحول الذي حدث في الرأي العام الغربي ضد إسرائيل، وأجمع كبار الكتاب الغربيين بأن إعلام التواصل الاجتماعي استطاع أن يبلور رأياً عاماً جديداً في الدول الغربية يقف على حقيقة الطغيان الإسرائيلي ضد المدنيين العزل في غزة، ويقول الكاتب ديفيد بالومبو كيتو في مقال نشره في موقع "سالون": هناك انقسام واضح في الرأي العام الغربي إزاء الموقف من إسرائيل بعد عدوانها الأخير على غزة، فالأجيال الجديدة لم تعد تؤيد إسرائيل في حروبها مع الفلسطينيين، لأن إعلام التواصل الاجتماعي قدم لهذه الأجيال صورة واضحة وفاضحة للظلم والعدوان البشع الذي تمارسه إسرائيل إزاء النساء والأطفال والسكان العزل في غزة.
ومن ناحيته فقد طالب هنري سيغمان وهو أحد المهتمين بقضايا الشرق الأوسط طالب الرئيس الأمريكي باراك أوباما إيقاف إسرائيل عند حدها، بعد أن استخدمت كل ألوان وأشكال السلاح المدمر ضد المدنيين الأبرياء في غزة.
وفي بريطانيا قدمت وزيرة الدولة لشؤون الجاليات والمعتقدات البارونة سعيدة وارسي استقالتها من الحكومة بتغريدة على "تويتر" احتجاجا على سياسة الحكومة البريطانية إزاء موقفها من النزاع في غزة وعدم اتخاذ حكومة كامرون موقفاً أكثر تشدداً ضد إسرائيل التي انتهكت بشكل واضح وفاضح حقوق الإنسان في غزة.
وهذه المواقف تؤكد أن تحولاً ملحوظاً في الرأي العام الغربي قد حدث، وأن الرأي العام الغربي لم يعد يؤيد إسرائيل "عمال على بطال"، بل بات الرأي العام الغربي يدرك أن إسرائيل دولة معتدية وظالمة وتنتهك حقوق الإنسان وتقتل النساء والأطفال العزل الذين لا حول لهم ولا طول.
وطالما أن الدعم الغربي بدأ أولى مراحل التراجع من خلال التغير في اتجاهات الرأي العام الغربي، فإن العودة إلى طرح نظرية التحدي والاستجابة لأرنولد توينبي أصبحت ضرورة تفرضها التغيرات الموضوعية على الأرض، فأرنولد توينبي هو من قال إن إسرائيل جسم غريب لا يلبث أن يزول، وهو من أكد أن احتلال إسرائيل لجزء عزيز من الأراضي الفلسطينية هو مرحلة مؤقتة، وستعقبها استجابة عارمة وكاسحة من قبل الفلسطينيين والعرب يستطيعون معها إجلاء قوافل الصهاينة التي زحفت من كل أنحاء العالم -بغير وجه حق- إلى الأراضي الفلسطينية.
والاستجابة التي عناها أرنولد توينبي في نظريته التاريخية هي أن تتضافر على الأرض مجموعة من الأسباب الموضوعية وتحرك أصحاب الأرض الشرعيين والحقيقيين مدعومين بكل القوى والفصائل العربية لمقاومة وإجلاء الطارئ المحتل.. حتى تتحقق الاستجابة ويرتد التحدي مدحوراً ومهزوماً على أعقابه من حيث أتى.
وإذا استعرضنا تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، نجد أن المحقق الأساس للهيمنة الإسرائيلية على مجريات الأحداث منذ 1948، هو الدعم الغربي غير المحدود لإسرائيل. وما زالت الفرص تلو الفرص تطرأ لصالح القضية الفلسطينية العادلة، ولكن العرب للأسف مشغولون بأمور لا تساعدهم على تحقيق النصر. إن الخطوة التالية التي ينتظرها العرب من الغرب هي اعتراف الرأي العام الغربي بأن الحكومات الغربية كانت -طوال نصف قرن- تضلل الرأي العام وتحمله دفع مزيد من الضرائب لصالح إسرائيل بحجة أن العرب يمارسون شتى ألوان الظلم والقهر ضد إسرائيل.
إذن نحن على أبواب تغيير جديد للموقف الغربي إزاء إسرائيل، حيث بدأت الحقائق تعلو فوق السطح، وبدأ الرأي العام الغربي يقف على حقائق جديدة تؤكد أن الإرهاب الذي تقوم به إسرائيل ضد غزة هو إرهاب حقيقي ضد الفلسطينيين في كل الأراضي الفلسطينية المحتلة وليس فقط في غزة.
إلى هنا والعرب ليس لهم دور في تعديل بوصلة الرأي العام الغربي، بل القدر شاء أن يخدم القضية الفلسطينية فقام إعلام التواصل الاجتماعي بهذا الدور المحق والمستحق. نحن نحتاج إلى دور عربي فعّال يقلب الطاولة ضد إسرائيل، ويجب أن نعرف أن إسرائيل لن تقف مكتوفة الأيدي إزاء هذا التغيير في موقف الرأي العام الغربي، فلديها كوادر متخصصة في تزوير الحقائق ستضع استراتيجيات من أجل أن تكسب -في النهاية- الجولة وتعيد بوصلة الرأي العام الغربي باتجاه تأييد قضاياها الظالمة.
ولذلك فإن واجب الإعلام العربي أن يعمل ما وسعه الجهد كي يكرس المزيد من التأييد لقضاياه العادلة، بل يجب ألا يكتفي بالرأي العام الغربي، بل عليه أن يستهدف الشارع الإسرائيلي الذي بدأت أوصاله تتفكك وبدأ الكثير من المهاجرين الصهاينة يفكرون في مغادرة إسرائيل والعودة إلى وطن آمن وبعيد عن الصواريخ الفلسطينية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي