رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


«أرامكو» بيت الخبرة المتفوق

قبيل رمضان أمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بإنشاء 11 مدينة رياضية في مناطق متعددة من المملكة، وتم إسناد مهمة تنفيذ المشاريع إلى شركة أرامكو السعودية، وما من شك أن إسناد المهمة لـ "أرامكو" قد يطرح سؤالاً لماذا "أرامكو" وهي الشركة المتخصصة في مجال النفط وليس في مجال المقاولات والبناء؟
سبق أن كتبت مقالاً عن "أرامكو" ودورها المشهود في التنمية في الوطن بكامله لما لها من خبرة متراكمة حتى أصبحت مع الوقت مدرسة في الإدارة تتحدث عنها أعمالها وإنجازاتها، ويكفي أن نعلم أن كثيراً من رواد التجارة والبارزين في الاقتصاد هم من خريجي "أرامكو" إذ سنحت لهم الفرصة للعمل فيها مما أكسبهم خبرات لم تتح لغيرهم في وقت كانت المملكة شحيحة الموارد وفيها ندرة في المتعلمين.
أسند لـ "أرامكو" قبل هذا المشروع تنفيذ جامعة الملك عبد الله في ثول، ومشروع تنفيذ المدينة الرياضية الجوهرة في جدة، وقد أنجز المشروعان رغم ضخامتهما في الوقت المحدد رغم قصر المدة، السؤال لماذا نجحت "أرامكو" ليس في المشاريع التي في مجالها فقط، ولكن في مجالات خارج تخصصها وتعثرت وزارات وهيئات حكومية في تنفيذ مشاريعها وبالصورة الجيدة؟! لا شك أن الخبرة الإدارية هي الأساس، لكن لا يمكن إطلاق المصطلح بهذه الصورة فما من شك أن مراحل التأسيس للشركة تمثل الأرضية الصلبة التي بني عليها كيان هذه الشركة العملاقة، فالإدارة الأمريكية في مراحل تأسيس الشركة شكلت أنموذجاً إدارياً واضحاً ودقيقاً يقوم على أنظمة معلنة للجميع تحفظ لهم حقوقهم وتضمن وفاءهم بواجباتهم والتزاماتهم.
وجود الأنظمة لا يكفي فالوزارات والهيئات الحكومية لديها أنظمة ولوائح لكن ما من شك أنها لم تبلغ ما بلغته "أرامكو" من نجاح في تنفيذ المشاريع، إذاً أين السر؟ في ظني أن الرقابة المحكمة والحكيمة القائمة على زرع الثقة بالمسؤول دون التنازل عن حق الشركة في المتابعة والرقابة غير البوليسية هي أحد أسرار النجاح، مع الأخذ بمبدأ الحوافز لذوي الإنجازات والنجاحات والمساءلة والمحاسبة للمقصرين والمخلين في أداء الواجبات والمخالفين للأنظمة.
لدينا جامعات ومعهد الإدارة العامة وكثير من موظفي الدولة ومسؤوليها تخرجوا من الجامعات وحصلوا على دورات تدريبية في معهد الإدارة لكن حقائق الواقع تكشف عن وجود خلل وقصور في أداء بعض الأجهزة الحكومية، والسؤال أين المعرفة الإدارية التي تعلموها في هذه الصروح، ولماذا لم تنعكس على مشاريع هذه الأجهزة؟! جهات عدة كوزارة الصحة ووزارة التربية والتعليم، ووزارة المياه والكهرباء خاصة في مشاريع الصرف الصحي والمياه نجد تعثراً وطول مدد التنفيذ، أما المدارس والمستشفيات فأبرز ما يلاحظ عليها سوء وعدم جودة التنفيذ، حتى أن بعضها يكون متصدعاً قبل تسلمه أو بعد الاستلام بفترة قصيرة. هل من الممكن أن تستفيد الوزارات والهيئات الحكومية من خبرة "أرامكو"، لا في تنفيذ المشاريع بالنيابة عنهم بل في الخبرة الإدارية؟! أعتقد أن لا مانع في ذلك إذ يمكن تفريغ بعض منسوبي إدارات المشاريع للتعلم بالزمالة لاكتساب الخبرة الإدارية من الميدان مباشرة، لكن هذا يتطلب إقراراً بالحاجة إلى هذه الخبرة ومرونة إدارية تسمح بتفريغ الأفراد للعمل لفترة في المشاريع التي تقوم عليها "أرامكو".
إن جودة المشروع لا يمكن أن تتحقق ما لم تتوافر إدارة تنفيذ المشروع من البداية وهذا ما يفتقده الكثير من مشاريعنا إما لقصور في الإدارة المشرفة لأنها في الأساس جاءت بالصدفة وليس للجدارة والتأهيل أو لأن المنظومة الإدارية تعاني خللا في هيكلتها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي