الإنشاد .. من الوعظ إلى التراقص في الأفراح
تحول المحتفلون بالأعراس في معظم مناطق السعودية إلى الاستعانة بالمنشدين من أجل إحياء ليالي الزيجات، متخلّين بذلك عن الموسيقى وشعراء الارتجال.
وكان أسلوب السعوديين يكاد يكون متطابقاً في معظم المناطق مع طغيان النمط الاستهلاكي على طريقة حياة الأسر، وبات السعوديون يتناسخون طرق احتفالهم في الأعراس على الرغم من التنوع الهائل للموروث الشعبي. والمنشدون بدأوا في زمن ما يسمى بالصحوة منتصف الثمانينيات الميلادية وكانوا متخصصين في بث الحماسة الدينية وطرق المواضيع ذات الطابع الوعظي لكن سرعان ما تحول الإنشاد مع مرحلة اعتماد المهرجانات السياحية والترفيهية في المناطق إلى الجانب الوجداني وبات له نجومه ورموزه في المشهد الفني بعد دخول قنوات فضائية تنتج على نحو هائل أفلاما مصوّرة للمنشدين.
#2#
وأصبح المنشد يضاهي في الطلب عليه أثناء الحفلات والمناسبات الوطنية المغنين بالآلات الموسيقية ما جعل الإنشاد يصبح حالة فنية جديدة على المشهد الاجتماعي السعودي.
ففي محافظة الطائف وهي المحافظة المنبع لفن المحاورة الشعري، أخذ عدد من الأهالي على عاتقهم، في حفلات الزواج مهمة تغيير نمط مظاهر الفرح في حفلات الزواج، خلال عيد فطر هذا العام، حيث اتخذوا من الدفوف، والأناشيد، خياراً بديلاً لمظهر وعادة قديمة، ارتبطت بالطائف منذ القدم، والتي تتمثل في استخدام نوع من البنادق، وهي الخاصة باستخدام البارود المحظور أمنياً، والمُسماة، بـ "المقاميع".
وجاء هذا الخيار، عقب تحذيرات أطلقتها الجهات الأمنية في محافظة الطائف، منذ سنوات، وتكررت تلك التحذيرات عام 2008م، بشأن استخدام البارود المحظور أمنياً في حفلات الزواج في المحافظة، والذي استهلك أهالي محافظة الطائف في إحياء احتفالاتهم ومناسباتهم كميات كبيرة منه، حيث منعت شرطة محافظة الطائف، استخدام الأسلحة النارية وإطلاق النار والتي من الممكن أن يقوم بها البعض في إحياء الحفلات أو المُناسبات الخاصة، كما لفتت إلى أن الحظر يمتد للأسلحة القديمة التي تعتمد على إشعال البارود واستخدامه بشكل مُتكرر، ما يجعل من الوارد تعريض حياة مُستخدم تلك الأسلحة وحياة الآخرين للخطر.
ورصدت "الاقتصادية" أمس الأول، في إحدى قاعات الأفراح، تحولاً كبيراً في التعبير عن الفرح في حفلات الزواج في المحافظة، حيث استُبدلت "المقاميع"، التي يُستخدم فيها البارود المحظور أمنياً، بالدفوف، والأناشيد، وزفة العريس، والتي أبدت شريحة الشباب قبولاً وارتياحاً لها، على قرع الدفوف، وأصوات المُنشدين، في حين سجلت مشاهدات كبار السن، ومشاركتهم، حضوراً جيداً لا بأس به، قياساً بوجود عنصر المفاجأة في التغيير، والخروج عن النمطية المُكررة كل عام، كما رصدت "الاقتصادية" في الجانب الآخر انتقاداً لاذعاً من البعض بسبب الخروج عما جرت عليه العادة، وعدم قبولهم لأي مظهر من مظاهر الفرح المتعلقة بثقافات أخرى. ويُمثل هذا التغيير، هذا العام، وما صاحبه من قبول لعدد كبير من الشباب، وقلة ربما تتضاعف من كبار السن، فرصة لحراك تجاري واستثماري كبير للفرق الإنشادية، والتي حظيت بقبول تدريجي في عدد من مناطق ومحافظات المملكة، في حين لا تزال مناطق أخرى مُتمسكة بالعادات القديمة، خلال حفلات الزواج، والتي لا تخلو من مخاطر كبيرة عند استخدام بنادق "المقاميع"، التي تراوح أسعارها بين 5 آلاف، و30 ألف ريال، وذلك وفقاً لصناعتها وحجمها.
#3#
وكانت "الاقتصادية" قد نشرت في 22 من أغسطس عام 2008م، تقريراً أشار إلى استهلاك أهالي محافظة الطائف في إحياء احتفالاتهم ومناسباتهم كميات كبيرة من البارود المحظور استخدامه أمنيا، والذي يعد مركباً كيماويا، يباع خفية، ويتكون من نترات البوتاسيوم بنسبة 75 في المائة، ومادة الكبريت بنسبة 10 في المائة، ومادة الفحم بنسبة 15 في المائة، كما أكد لـ"الاقتصادية"، في ذلك الحين، متعاملون في بيع البنادق والبارود في الطائف أن سعر الكيلو الواحد من البارود يصل إلى 90 ريالا، حيث يجد هذا النوع من الأسلحة إقبالا كبيرا في فصل الصيف، خاصة في الحفلات التي تقام في الهجر والقرى.