إدارة مستقلة للتوطين .. نظرة بعيدة
دائما أردد وما زلت، أن أهدافنا في البناء والتنمية وغيرها من المجالات ينبغي لها ألا تستهدف المدى القريب فقط، بل يجب أن تكون هناك نظرة بعيدة، لتؤتي ثمارها، وفق آليات وخطط طموحة يعمل المسؤولون على تنفيذها، وإننا نحتاج إلى وقفة جادة لوضع خطط وآليات ثابتة وفقا لما يحتاج إليه الوطن ويتماشى مع أولوياته، ويعمل على تنفيذها المسؤولون، وليس إصدار أنظمة وقوانين وخطط تتزامن مع المسؤول الجديد فقط، وتنتهي مع انتهاء فترة عمله، إذ إننا لا بد أن نعمل وفق استراتيجيات واضحة المعالم ومحددة الأهداف في جميع المجالات يعمل على تنفيذها المسؤولون ويتابع تنفيذها المسؤولون الجدد، ونجعل منها خريطة طريق لتلافي أي عوائق تواجه مسيرة أعمالنا وتنميتنا، ولا نعود إلى نقطة البداية مع تولي أي مسؤول منصبا جديدا .. لا بد أن تكون الفترة الأولى لنا في أي مجال كان، فترة تأمل ودراسة وتعرف على الواقع ومن ثم تحديد أهداف قصيرة المدى ومتوسطة وأخرى طويلة المدى، وتكون منطلقة ومتواكبة مع استراتيجيات الوطن المقرة مسبقا، ومن ثم تحديد ماهية الموارد المطلوبة لتحقيقها، وعند إقرارها من المرجعية العليا بعد أن تكون قد مرت بقنوات الدراسة والتوصية، تعلن للجميع كخريطة طريق ضمن فترة زمنية محددة .. ومن خلال ذلك أعتقد أنه حان الوقت لاستحداث برنامج توطين شامل للاستفادة من المشاريع الحكومية وشبه الحكومية بهدف تطوير وتنمية استثمارات متكاملة (خدمات، هندسة، وصناعة ... إلخ) وذلك في ظل الطفرة الكبيرة التي تعيشها المملكة والمشاريع التنموية العملاقة والجبارة التي تحظى بها البلاد في الوقت الراهن.
إن ذلك يذكرني بتبني عدة جهات حكومية وشبه حكومية لهذا الهدف ومنها غرفة الشرقية التي تبنت قبل فترة عمل دراسة استشارية من خلال مركز استشاري عالمي لبناء مركز توطين شامل للخدمات الهندسية والصناعية، الذي تم عرضه حينها على أكثر من وزارة، هذا إضافة إلى شركة أرامكو السعودية وإدارتها المؤمنة بالتوطين، فلديها إدارة متخصصة مهمتها العمل على تحقيق ذلك، ولا ننسى كلا من المؤسسة العامة لتحلية المياه، والشركة السعودية للصناعات الأساسية سابك، وشركة معادن، والشركة السعودية للكهرباء، حيث يبذل الجميع جهودا ملحوظة لتحقيق ذلك، ولكن النتيجة التي تحققت حتى الآن من تلك الجهود قليلة جدا وما زالت دون الطموحات.
في ضوء تلك الجهود، لماذا لا ننشئ لهذا الهدف إدارة مختصة تحقق ذلك تحت مسمى إدارة مركز التوطين الوطني مثلا؟ شريطة منحها الأنظمة والصلاحيات اللازمة والملزمة للجهات المعنية كافة التي تعينها على تحقيق الهدف المنشود وترتبط بشكل مباشر بالمجلس الاقتصادي الأعلى فما تعيشه المملكة اليوم من طفرة اقتصادية كبيرة يتطلب منا الاهتمام بشكل جدي وواقعي بمواكبة هذا التطور واستغلال هذه الطفرة.