رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


«عيد» بدون أبي

عندما يغيب من تحب عن الدنيا تظل الروح معلقة به، ولا يستكين "الألم" أبدا، تتجرع مرارة فقده يوما إثر يوم، ولا يسكن العقل غير الذكرى.. يرحل عنك ولا يرحل منك، ولا يمكن للأيام أن تنزعه ولو حاولت تغليبها بـ "النسيان" و"السلوان".
رحيله يحدث جرحا غائرا في القلب لا يطيب.. يشتكي غيابه ويسأل عنه دوما.. تتهادى تفاصيله.. أشياؤه.. كلماته.. رائحة عطره.. طيفه يمر من أمامك في كل وقت ومع كل مناسبة.. مشاعر مرهقة تشعر بها دوما ولا تبرح إلا بعد أن تدمي الفؤاد وتُسيل المآقي.. وليتها عندما تغادرك لا تعود.. بل تعود لتأخذ وقتها ووقت غيرها.
يقولون إن المصيبة تولد كبيرة فتصغر وتصغر حتى تتوارى، وكنت مؤمنا بهذا القول حتى شعرت بمصيبة رحيل والدي، فقد ولدت كبيرة وما زالت تتعاظم في أعماقي، ما زال حاضرا في نفسي لم يغب وما زال تعلقي به يشتد وانتمائي له يكبر.
ذات الطعم "المر" في فمي الذي استطعمته في يوم رحيل والدي ما زلت اتجرعه رغم مضي أكثر من ثلاثة أشهر على رحيله، ما زلت أشعر بالفقد ذاته الذي شعرت به في يوم وفاته.. لم يتغير شيء فما زال "وجع" غيابه يضرب في أعماق نفسي.
منذ دخول شهر رمضان وأنا أسأل نفسي دوما.. كيف سيكون العيد بدون أبي؟ كيف سيمر في غياب سمح السجية طاهر النية.. كيف سنستقبل العيد بدون الشيخ صادق الدعوات نقي السريرة دمث الخلق، وبأي طعم وبمذاق سيكون دون الوالد العطوف والقلب الحنون؟
في منزله العامر كان لحضوره "هيبة" ولوجوده "بهجة"، كان يفرش لنا قلبه قبل مجلسه، فمن سيعوضنا عنه ومن سيملأ الفراغ الذي أحدثه رحيله؟
ما زلت أتذكر مشاهد العيد في حضوره بوضوح.. أراها ماثلة أمامي وكأنها حدثت البارحة، لا شيء يبرح الذاكرة من تفاصيله.. ابتسامته.. رائحة عوده "الأزرق" .. وتلك "التمرات" التي كان يناولها لنا أطفالا قبل صلاة العيد.
اللهم إني اسألك باسمك الأعظم الذي إذا دعيت به أجبت وإذا سئلت به أعطيت أن ترحم أبي في قبره وأن تنيره عليه برحمتك وعفوك ورضاك.. اللهم إني ألجأ بك إليك وأقسم بك عليك أن تجعل عيده بقربك أجمل من كل أعياده، اللهم ظله فى ظلك يوم لا ظل إلا ظلك واجعل الجنة مثواه وأجمعنا به في مقر رحمتك يا أرحم الراحمين.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي