رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


الإمبراطور الشرير أذكى منا..

"السبب أن مرض السرطان يتفوق في أكثر الأحيان، لأنه أذكى منا"
قال هذا الأطباء والعلماء العاكفون على وضع الحلول ضد هذا المرض الذي سماه الصينيون قديما "إمبراطور الأمراض".
في عام 1971 أعلن الرئيس الأمريكي وقتها ريتشارد نيكسون الحرب على السرطان، وقال جملته الشهيرة: "إن الجهودَ المكثفة والجادة هي التي شطرت الذرَّة، وهي التي وضعت الإنسان على القمر، ويجب أن تطبق بالآلية ذاتها والكيفية للقضاء على السرطان". واشتعلت مستشفيات وجامعات ودور البحث الأمريكية بخوض حرب مفتوحة مع السرطان.
صحيح أن هناك تقدما حُقق هنا وهناك في بعض أنواع المرض الإمبراطور أكثر أو أقل.. إلا أنه من بعد تصريح الرئيس نيكسون، بعد أكثر من أربعين عاما سمع أكثر من مليون ونصف أمريكي هذا التشخيص من أطبائهم وهم يرتجفون رعبا. وفي كل عام يموت أكثر من نصف مليون من هذا المرض وأنواعه.. فقط في أمريكا.
لقد تفوق العلم على أمراض كثيرة، وبعضها أبادها عن الأرض تماما أو شبه القضاء الكلي مثل أمراض الجدري والملاريا أو أنها تعالج فلا يموت المريض. إلا هذا الإمبراطور الشرير ما زال منتعشا متوحشا كما كان من أكثر من 4500 سنة حين وصف الطبيب المصري "أمحوتب" أول تشخيص سرطاني للورم في الثدي وعلاجه وسماه الثدي الكبير!
طبعا هذا ليس غلطة أحد، إنه قدر خالق الخلق، لذا فوالدتي لا تطيق أن يسمى المرض الخبيث بل تسميه "مرض الرحمة" لأنه كما تقول: لا يأتي من الله تعالى إلا الرحمة.
بعد أكثر من أربعين سنة من تصريح نيكسون لم يحقق الأطباءُ والعلماءُ والباحثون شيئا حاسما مع هذا الإمبراطور إلا اختراقاتٍ هناك وهنا، وإطالة العمر المتوقع من ثلاثة أشهر إلى سنة اعتبرت فتحا كبيرا قياسا للفشل والهزيمة الكبيرتين اللتين ما زالت البشرية تواجههما أمام هذا المرض. وهنا اعترف علماء معهد تاكوما الأمريكي لأبحاث السرطان بأن هذا الإمبراطور أذكى منهم.
وفي اعتقادي، مما قرأت، أنه أذكى لأن الإمبراطور الشرير هذا يعتمد على الخيانة الداخلية، الخيانة التي تأتي من خلايا المناعة ذاتها، من الجيش الداخلي الذي يدافع عنا ضد الغزو الخارجي للأمراض. وهذه قصة كل التاريخ في هزيمة الأمم أيضا، فأعظم سلاحٍ تُهزم الأمة به هوالخيانة الداخلية، تلك الخناجر السامة التي تغرز بالظهر. الذي يجري بالضبط ولأمر لم يفهمه العلمُ تماما أن فوضى عارمة تعم في بعض الخلايا فتكون كإعصار ناري تحرق وتقتل وتخرب تركيب الخلايا الأخرى، ولأنها فوضى أي لا تعتمد على التنبؤ الرياضي الحسابي، يكون من الصعب على العلماء التغلب عليه منطقا وتنبؤا محسوبا.
ثم إن للعلاج الكيماوي مأساة أخرى، فهو يؤثر في بعض الخلايا الحساسة للكيماوي ولكن لا يؤثر في خلايا عربيدة صلبة مخربة تكمن أثناء العلاج ثم تظهر مرة أخرى. والعجيب هو الشبه بينها وبين خلايا الإرهاب. فالخلايا العربيدة الشريّة هذه تماما مثل الخلايا النائمة الإرهابية وسط كل المجتمع، ثم تتيقظ لإثارة الرعب والإرهاب والتخريب المؤذية متدرّعين بالمدنيين المسالمين.. والخلايا الشريّة هذه تبزغ للتخريب الشرس متدرعة بتلك الخلايا التي وصفناها بالحساسة ضد الحرب الكيماوية داخل الجسد فضعفت أو ماتت. كيف تقوم هذا الخلايا كيف تتكون متى تخطط للغزو أسئلة كبرى ما زال العلماءُ يبحثون عن إجاباتها بكل أدوات العلم. على أن الباحثين والعلماء لا ييأسوا، وأدخلوا في بحوثهم الجديدة علم الرياضيات القائم على حساب العشوائيات، تلك المعادلات التي يتبعها علماء الطقس في مواجهة الأعاصير والتنبؤ بها. الفكرة الآن التي يبدو أنها أكثر منطقية هي تفعيل هذا النوع من التنبؤ الرياضي من التوقعات على الإمبراطور الشرير ليس لدحره تماما، ولكن لزرع الوهنَ في جنوده ليكونوا أكثر بطأ وأقل خطراً، ويبدو أن ذلك يحقق شيئا واعداً وراء الأفق.
وأدعو لكم بالصحة والسلامة وطول العمر.. آمين.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي