رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


ناصر: الطموح وعربة النيران

رمضانيات - 4
.. في الجزء الأول يحدثنا السيد "ماجد" عن صديقه ناصر الذي كان يأكله الطموح ليكون طبيبا، حينما كان يدرس معه في قسم الإدارة بجامعة الملك فيصل منذ أكثر من عقدين من الزمن، ثم اختفى "ناصر" ولم يكمل سنته الأولى. ولم يعد ماجد يسمع عنه. تمر السنون ليفاجأ ماجد بأن صديقه ناصر، يعمل طبيبا في واحدٍ من أكبر مستشفيات البلاد، وقد ذاع صيته كأشهر الاستشاريين في مضماره.
يكمل ماجد:
"سألت ناصر: قل لي كيف وصلت إلى هذه المحطة من حياتك، وكان ذلك يبدو حينها شيئا يضارع المستحيل؟ تساوى ناصر، وكان موعد العيادة قد انتهى فقفل الباب وأعد القهوة، وبدأ بدوره يحكي ما صار له بعدما ترك جامعة الملك فيصل وهو يحلم أن يكون طبيبا.
ناصر: "ذهبت بعد أن غادرت الجامعة للبحث عن عملٍ مجزٍ. والتحقت بإحدى الشركات التي كانت تدفع راتبا جيدا وعملت معهم سنوات، وكنت أُضْني نفسي بالعمل مع تلك الشركة حتى توالت مكافآتي المالية وازداد راتبي ضعفا. لم أكن لأصرف قرشا واحدا إلا على ضروريات حياتي الأساسية. وبعد سنوات من الخدمة أخذت مستحقاتي وما جمعت خلال السنين، وتراسلت مع جامعة سورية، والتحقت هناك بكلية الطب. ولكن لم تقنعني الدراسة في تلك الجامعة. وبينما كنت يوما أذرع أحد شوارع دمشق الكبرى، وجدتُ مبنى عليه لوحة كتب عليها "المعهد الروسي". ودخلت فضولا المبنى، ووجدت مكتوبا أن البعثات تغطيها الحكومة السوفيتية آنذاك. وتقدمت بطلب كي أدرس اللغة الروسية، وقبل المعهدُ طلبي، ورأت إدارة المعهد أن تبعثني إلى معهد لدراسة اللغة الروسية في موسكو. وهناك بعد إتمام الدراسة متفوقا في المعهد، تجاسرتُ وتقدمتُ لاختبار دخول كلية الطب في الجامعة، وكانت دهشتي وسعادتي فوق الوصف عندما علمتُ أنه تم قبولي وعلى نفقة الحكومة الروسية. أمضيتُ في الاتحاد السوفيتي - روسيا حاليا - منقطعا عن كل العالم عشر سنوات أدرس الطب بانكباب متواصل على الكتب وحضور المحاضرات واغتنام الدراسة الإضافية بالعطلات، وتخرجت أحمل شهادة تخصص عليا. الانقطاع في مدينة الثلج والجمود عشر سنوات عن الأهل والوطن لم يكن سهلا، ولا التجارب الصعبة التي واجهتها كانت متصالحة معي. ثم إني التحقتُ بمعهدٍ متخصص في بريطانيا، وقويتُ لغتي الإنجليزية، خصوصا في المصطلحات الطبية وتراكيب وأسماء الأدوية.. وأتقنتها تماما. ثم بقية القصة تعرفها".
ها هو ذلك الشاب الذي لم تقبله جامعة الملك فيصل، وأدخلته مسار علم إداري، ولم يكن يتحمل كل دقيقة تمر عليه، حيث طموح حياته أن يكون طبيبا، وقرر أن يركب عربة النار كما في قصص أهل النرويج، وهي عربة الطموح الصعبة الركوب، التي تسلك طرق العقبات، وتقتحم المخاطر لتصل إلى محطة الطموح.
الفرق أن بعض الناس بركانهم يزأر بسعير الطموح، فيحاولون إطفاء حممه بالعمل الذي لا يعرف الاستسلام. والبعض بركانهم خامد، ويزيدون خمودَه خمودا.. بعدم العمل!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي