كتابات العدل والبلديات لا تعترف بالسجل التجاري
اجتمعت الجمعية العامة لشركة مساهمة واختارت مجلس إدارة، حسب نظام الشركات. صدر السجل التجاري الذي يحوي مجلس الإدارة الجديد، وهو الوثيقة الحكومية الوحيدة حالياً، التي تحمل أسماء أعضاء المجلس.
معلوم أن المجلس هو صاحب أعلى سلطة إدارية في الشركة المساهمة بحكم قانون الشركات. السبب؟ مبدأ الفصل بين الملكية والإدارة. قد يكون عدد المساهمين بالآلاف وليس من المقبول عقلاً جمعهم لإدارة الشركة.
رغب أعضاء المجلس في عمل وكالات لإنجاز أعمال للشركة، لكن كاتب العدل رفض الاعتماد على السجل التجاري، محتجاً أن لديه تعليمات بأن يستند على وثائق موثقة من العدل، والسجل التجاري ليس كذلك. بل يبدو أن بعض كتّاب العدل غير ملمين بنظام الشركات نفسه.
هذه عينة من مشكلات تواجه الشركات والمؤسسات والأفراد، أحد أسبابها وجود فراغ نظامي. تخلو بعض الأنظمة واللوائح من حلول لبعض الحالات. وهناك مشكلة في تبادل المعلومات بين الأجهزة الحكومية، خلاف مشكلة الفهم الجيد لأنظمة الدولة ذات العلاقة، والتطبيق تبعاً لهذا.
هناك مشكلة أخرى: في بعض الأحيان، وليس دوماً (من باب الحق)، تنقص أناس المعلومات المعلنة عن المطلوب منهم عمله لإنجاز معاملاتهم في شؤون شتى. في أحيان كثيرة، يذهب المراجع لإنجاز معاملة مبنية على إنجاز عمل ما، لكنه لا يدري ما الإنجاز المطلوب بالضبط قبل المراجعة، أو ما الوثائق المطلوب منه إحضارها بالضبط قبل أن يراجع؟
وكثيراً ما يفاجأ بأنه فهم المطلوب خطأ، لنقص المعلومات أو خلوها من تفصيلات تعالج بعض الحالات. وقد يظن أنه يحمل الوثائق المطلوبة، فيفاجأ بطلب المزيد.
من الأمثلة شهادة إتمام البناء. مطلوب من الأمانات والبلديات توضيح معناها بالضبط، ومتطلباتها بوضوح (مثل متطلبات العزل وغيره) ومطلوب ذكر حالات وأمثلة تمنع أو تعيق الحصول عليها. ولا بد من توضيح خطوات الحصول عليها. لا بد من توضيح هذه الأمور بالتفصيل الكافي.
هناك مشكلة أخرى في هذه الشهادة. طلب شهادة إتمام البناء، حسب فهم البلديات الحالي، لا يلبي ولا يحقق احتياجات بعض الناس، وظروف بعض المباني. من الأمثلة أن بعض المواطنين يبني مبنى سكنياً به أكثر من وحدة سكنية، وهدفه توفير وحدة أو وحدات سكنية لأولاده مستقبلاً. هو لا يملك المال الكافي لاستكمال التشطيب في الوقت الحاضر. لا بد من حل يراعي ظروفه وأمثاله من المواطنين. مثلاً من الممكن تجزئة شهادة إتمام البناء بحسب الوحدات السكنية. ومن الممكن اشتراط استكمال جزئي، كاستكمال اللياسة. لكن لا بد من توضيح ذلك للناس توضيحاً لا لبس فيه.
رخص البلديات لممارسة المهن مثال آخر على الفراغ النظامي أو فقد المعلومات التفصيلية لمتطلباتها وخطوات الحصول عليها في كثير من الحالات.
أعرف، على سبيل المثال، أن بلديات لا تعترف بالسجل التجاري لإثبات ملكية محل انتقلت ملكيته ومطلوب تجديد رخصة له. تراجع البلديات وكثير من المتطلبات غير معروفة مسبقاً بصورة جيدة، وخاصة في حالات دون حالات.
للبلديات تبريراتها. قد يرمى العيب في المراجعين. لا ننكر وجود مشكلات فيهم أو في بعضهم تدقيقاً، لكن هذا لا يلغي وجود أصل المشكلات. ولا يلغي ضياع موارد على أفراد ومؤسسات المجتمع من أوقات ومال وجهود.
المشكلات التي تواجه المراجعين ليست محصورة في مراجعة كتابات العدل أو البلديات فحسب، بل في دوائر ووزارات شتى كالإعلام والعمل، ومصدرها ما سبق ذكره: مشكلة التوثيق والاعتراف وتبادل المعلومات بين الأجهزة الحكومية وتفصيلها للناس.
للمشكلة جانب آخر: عدد من موظفي الحكومة لا يعرفون عملهم جيداً. يجتهدون في فهم أعمالهم، لكنه اجتهاد قد يسهل أو يصعب إنجاز المعاملات على المراجعين. ومن ثم نرى في حالات كثيرة، أن نجاح المراجع في إنجاز معاملته خاضع لطبيعة الموظف أمامه وظروف المراجعة.
ما سبق من أسباب كثرة اللجوء إلى الواسطات لحل المشكلات.
من المتضرر الأكبر من استمرار المشكلات السابقة؟ اقتصاد البلاد، إلا إذا قلنا بأن تضرر القطاع الخاص وضياع أوقات كثيرة في المراجعات لا يضر، ولا يقول بذلك عاقل فضلاً عن متخصص.
ما الحل؟
هناك حلول كثيرة للمساهمة في تخفيف المشكلة.
من الحلول تشكيل لجان بين وزارات خدمية، تدرس ملحوظات الناس أينما وجدت، تتعرف عليها من مصادر عديدة (صحافة نت استبانات ...الخ)، لتتعرف على مواطن الإشكال، وتقترح الحلول، وترفعها إلى من يملك السلطة لوضعها موضع التنفيذ.
من الحلول المساعدة وضع المعلومات المفصلة في المواقع الإلكترونية للوزارات والدوائر.
من الحلول إيجاد بنية مؤسسية واسعة النطاق تعطي المشورة وتساعد الناس على فهم الأنظمة والتعليمات، وتجمع ملحوظات الناس وتبوبها وترسلها للجهات مع مرئياتها للمساعدة في معالجة الإشكالات والعيوب القائمة.