مزرعة «داعش»
أستغرب من أناس بيننا، يرون جرائم "داعش" في سورية والعراق ويمارسون التبرير لهم.
محصلة هذا التبرير، حالة الخلط والخلل التي يعيشها بعض شبابنا. شاهدت مقابلة أجرتها إحدى الفضائيات مع أحد المحسوبين على ما عُرف في حقبة مضت بالصحوة الإسلامية، وعندما سأله المذيع عن "داعش" تردّد كثيرا في إبداء رأيه فيهم، معتبرا أن الرأي حيالهم لم يتبلور!!
هذا التردد يعيد إلى الذاكرة أولئك الذين كانوا يشاهدون إرهابيي "القاعدة" يزهقون أرواح مسلمين ومع ذلك يستمرون في التبرير لهم.
صدور القوانين المناهضة للإرهاب ساعد على كبح جماح بعض المحرضين. خاصة مع إصرار بعض المحسوبين على المتدينين على تحريض الشباب على الانخراط في أحداث دول الجوار بدعوى الجهاد.
الآن وقد أعلنت "داعش" عبر المزرعة التي تسيطر عليها ما سمّته دولة الخلافة وتسمية الخليفة، واعتبار مَن لا يؤيدهم ولا ينصاع لهم كافرا، كيف سيكون موقف هؤلاء؟ هل سيتجهون إلى حديقة "داعش" أيضا؟ أم أنهم سيثوبون إلى رشدهم ويقولون كلمة واضحة صريحة فصيحة بشأن هؤلاء.
إن السوء والضرر الذي تركته "داعش" لا يقل عن سوء "القاعدة" بزعيميها السابق واللاحق.
إن التدليس الفكري الذي يتم من خلاله تسويغ تمدُّد "داعش"، بزعم أن تغيير الواقع والظلم السائد في العراق وسورية يتطلب ذلك، هذا التدليس أسهم في تضخيم الضرر، واستنفار العالم، وتكريس المزيد من الصور السلبية عن الإسلام والمسلمين.
"داعش" وجوقتها في الخارج وربما الداخل أيضا، تقولها صريحة إنها تريد تقويض مجتمعاتنا. وهي لا تخفي تربصها بنا.
أي تبرير لهم يبدو وكأنه تبرير للقاتل لممارسة مزيد من القتل؟ تكالب "داعش" علينا جعل بعض "القومجية" العملاء لمَن يدفع أكثر يبررون لها أو على الأقل يسوّقون لبعض انتصاراتها، وهذا ما يصر على ممارسته بعض مرتزقة قناة الجزيرة أيضا. من المؤسف أن قناة الجزيرة ما زالت تصر على أن تكون فوهة يتنفس من خلالها فكر الإرهاب. هذا الفعل الذي يتوسل بحرية الإعلام، يستغل المراهقة السياسية التي تذكرك ببعض أمراء الطوائف في الحقبة الأندلسية. المسألة لم تعد تحتمل مزيدا من المغامرات والعبث. القضاء على "داعش" جزء من الأمن الإقليمي والعالمي.