رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


آسيا تفتقر إلى آليات التعامل مع الأزمات النفطية

المخاوف من حدوث انقطاعات في إمدادات النفط ناجمة عن الكوارث الطبيعية أو الصراع في منطقة الشرق الأوسط خصوصا عبر مضيق هرمز، الشريان الأكثر أهمية في أسواق النفط العالمية، طالما شغلت صناع السياسة في الدول الغربية. لكن الآن منطقة آسيا التي تعتمد بشكل متزايد على واردات الطاقة لتلبية احتياجاتها ستعاني أكثر من تداعيات أي أزمة محتملة في إمدادات النفط من الشرق الأوسط. على ما يبدو أنها لا تزال غير مستعدة بعد للتعامل مع مثل هذه الاضطرابات.
مع تحول أسواق النفط العالمية نحو الشرق على مدى العقد الماضي، تحولت المخاطر بهذا الاتجاه أيضا. في الوقت الذي اتخذت فيه الدول الغربية الدروس والعبر من الظروف الصعبة التي مرت بها في سبعينيات القرن الماضي ووضعت آلية قوية لمساعدتها على الصمود في حال حدوث أي تعطل محتمل في الإمدادات، الدول الآسيوية لم تحذو حذوها في هذا الجانب. الترابط المتنامي بين منطقة الشرق الأوسط وآسيا قد حول أمن إمدادات النفط العالمية إلى منطقة شرق السويس.
على سبيل المثال، أي اضطراب في مضيق هرمز من الممكن أن يؤدي إلى انقطاع نحو عشرة ملايين برميل في اليوم من الأسواق لفترة قد تطول أو تقصر حسب الظروف المحيطة. على الرغم من أن هذا السيناريو مبالغ فيه وغير محتمل، لأسباب ليس أقلها أن المجتمع الدولي سيتحرك بسرعة لإعادة فتح الممر المائي. لكن هذه الفرضية تظهر فقط الحالة الضعيفة التي ستكون عليها البلدان الآسيوية في مثل هذه الاضطرابات، وكيف ستتحرك هذه المنطقة غير المستعدة لمجابهة تعطل كبير في الإمدادات.
على مدى السنوات العشرة الأخيرة بدأ تدريجيا استبدال اعتماد الدول الغربية على نفط الشرق الأوسط بارتفاع وتيرة اعتماد البلدان الآسيوية على نفط المنطقة. على سبيل المثال، في عام 2013 ذهب أكثر من 76 في المائة من صادرات الشرق الأوسط من النفط إلى آسيا، التي تشكل أكثر من 50 في المائة من الطلب على النفط للمنطقة. على النقيض من ذلك، أقل من ربع صادرات الشرق الأوسط ذهبت إلى الولايات المتحدة وأوروبا، في الوقت الحاضر تعول هذه المناطق على نفط الشرق الأوسط لتلبية أقل من 15 في المائة من الطلب المحلي.
يتدفق معظم نفط منطقة الشرق الأوسط عبر مضيق هرمز، في عام 2013 بلغ نحو 90 في المائة أو أقل بقليل. ويعتبر هذا الممر المائي من نقاط الاختناق الأكثر ضعفا في أسوأق النفط. ما يقرب من نصف النفط المستهلك في آسيا في عام 2013 مر عبر هذا الممر المائي الضيق، الذي هو الطريق الوحيد لتصدير نفط إيران، والكويت، والبحرين وقطر والطريق الرئيس للسعودية والعراق. هناك العديد من مشاريع خطوط الأنابيب الجديدة تهدف إلى تفادي مضيق هرمز ستعمل على خفض نسبة النفط المصدر عبر المضيق في السنوات القادمة، لكن هذا الممر سيبقى الوريد الرئيس لأسواق النفط الآسيوية.
في حالة حدوث اضطرابات مستمرة لإمدادات النفط من خلال مضيق هرمز أو لانقطاعات كبيرة، فإن سنغافورة ستكون الأكثر تضررا، حيث إن ما يقرب من 90 في المائة من النفط الذي تستهلكه يأتي من منطقة الشرق الأوسط. توقف واردات سنغافورة سيكون له أيضا تداعيات على المنطقة بصورة عامة، ذلك أن الكثير من واردات سنغافورة من النفط الخام يتم تكريره وإعادة تصديره كمنتجات نفطية.
بالإضافة إلى ذلك كبار المستهلكين الآخرين سيتأثرون بشدة. نحو 80 في المائة من واردات الهند وكوريا الجنوبية من النفط تتدفق عبر مضيق هرمز وثلاثة أرباع الاستهلاك في اليابان. في حين أن الصين التي كانت تدرك تماما نقاط الضعف في أسواق النفط، من المتوقع أن تكون أقل عرضة للمخاطر نسبيا، حيث إن 22 في المائة فقط من النفط المستهلك يمر عبر الممر المائي، على الرغم من أن هذه الكمية تقدر بأكثر من مليوني برميل في اليوم.
التأثير سوف لا يقتصر على تعطل إمدادات النفط فقط وإنما ستكون له تداعيات اقتصادية ضارة على بعض البلدان، ذلك أن التوقفات ستؤدي إلى ارتفاع لا مفر منه في أسعار النفط. في عام 2012، التهديدات الإيرانية بعرقلة خطوط الملاحة عبر المضيق كانت كافية لوضع أسواق النفط في حالة تأهب.
مما يضاعف ويعقد المشكلة هو عدم وجود نظام لأمن إمدادات الطاقة في آسيا. في حين أن الدول الغربية قد وضعت مجموعة من المؤسسات، والقواعد والاحتياطيات النفطية الاستراتيجية التي جعلتها أكثر تحوطا ومرونة في التعامل مع أي صدمة نفطية محتملة، التي استخدمتها في مناسبات مختلفة.
إن الوضع في آسيا من المرجح أن يكون أكثر فوضوية وغير منسق. اليابان وكوريا الجنوبية قد انضمتا إلى وكالة الطاقة الدولية وكلاهما يمتلك احتياطيات استراتيجية. الصين بنت احتياطيا استراتيجيا من تلقاء نفسها، على الرغم من أنه لن يتم الانتهاء منه بالكامل حتى عام 2020. أبعد من ذلك هناك فقط عدد قليل من الآليات للتعامل مع الصدمة النفطية.
هذه المشكلة هي ليست فقط للدول في منطقة آسيا، وإنما هي أيضا مشكلة بالنسبة لبقية دول العالم. في جميع الاحتمالات، فإن أي تعطيل كبير في إمدادات النفط العالمية سيولد حالة كبيرة من عدم اليقين حول كيفية تعاطي الدول الآسيوية المختلفة مع هذه المعضلة، حالة عدم اليقين هذه من شأنها أن تؤدي إلى تفاقم تأثير هذا الاضطراب على أسعار النفط العالمية.
على الدول المستهلكة للنفط في منطقة آسيا العمل بشكل وثيق مع موردي النفط من الشرق الأوسط لوضع خطة بشأن كيفية توزيع صادراتهم المتاحة في حالة حدوث انقطاعات في الإمدادات. هناك أسئلة أخرى ملحة، مثل كيف سيتم التنسيق بين الصين، واليابان وكوريا الجنوبية في استخدام احتياطياتهم النفطية الاستراتيجية؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي