رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


حين بكى القيصر

انتشرت صور الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وهو يبكي بحرقة حين انهزم منتخب بلاده أمام المنتخب الجزائري وخرج من بطولة كأس العالم، فهل ترى انصدم العالم لأن هذا الرجل الذي شارك بدور رئيس في إزهاق عشرات الآلاف من أرواح البشر قادر على البكاء والإحساس بالقهر والألم؟ أظن الأمر كذلك .. لكن مهما كان الحزن الذي شعر به بوتين والدموع التي تساقطت من عينيه، فإنه لن يكون بحرقة ووجع الآلاف الذين شردهم وجعلهم يهاجرون مرغمين من وطنهم سورية هربا بأعراضهم وأطفالهم وشيوخهم من خلال دعمه اللامحدود للنظام السوري الظالم. بوتين كان في تلك الصور مجرد نائحة مستأجرة لتحسين صورته أمام عالم تخدعه الصور والفلاشات، لكن الحقيقة التي يدركها ضحاياه أنه لن يكون نائحة ثكلى إلا حين يشرب من الكأس نفسها التي سقاها لغيره دون رحمة وأدنى ذرة من الإنسانية!
دموع التماسيح التي ذرفها القيصر ذكرتني بقصة أشهر طاغية في التاريخ الإنساني كاليجولا المعروف بوحشيته وساديته، الذي كان رمزا للشر والديكتاتورية والاستبداد، ومن أشهر مقولاته "إن لم أقتل أشعر بأني غريب"، ومن صور ظلمه أنه أغلق مخازن الغلال مستمتعا برؤية أهل روما وهم يتضورون جوعا وترتفع أصوات بكاء أطفالهم. كان القتل عنده مثل الأوكسجين لا يكاد يمر يوم دون ضحايا له، ولكن كاليجولا بكى يوما بحرقة كما بكى بوتين، لكنه لم يبك لأن منتخب بلاده خسر، بل بكى لأنه رغم سطوته وجبروته وقوته لم يستطع أن يجعل القمر ضمن ممتلكاته الشخصية وأن يمسك به بين يديه. وبكى يوما آخر أيضا بحرقة حين خيّم عليه الحزن بسبب أنه عاجز تماما عن أن يجبر الشمس على أن تشرق من المغرب أو أن يمنع الموت عن الأشخاص الذين يريدهم قربه دوما.
أحيانا حتى الأشخاص العاديون قد يكونون طغاة مستبدين في نظر من وقع عليهم ظلمهم وطغيانهم واستبدادهم. ليس من الضروري أن تكون مشهورا وتلتقط صورك الاستبدادية وتتسابق وكالات الأنباء لإظهار أفعالك الظالمة لتدرك حجم مشاعر الكراهية والبغضاء التي يحملها ضدك كل من ظلمته وروعته وآذيته.
وخزة
رمضان فرصتك لتغير نظرتك تجاه العالم والآخرين ونفسك، ولا تغتر بقدرتك وتحكمك بمن هم دونك فدموع ظلمك لهم التي لا يراها إلا خالقهم وسهام دعواتهم الليلية، لا بد أن ترتد عليك يوما!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي