رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


الجامعات والدور المنتظر في عالم مضطرب

الجامعات في كل أنحاء العالم وعبر التاريخ لعبت وتلعب دوراً بارزاً في نمو وتطور المجتمع الذي توجد فيه، وتعمل على سد احتياجاته من المتخصصين في المجالات المختلفة، لكن هذا يعتمد على التقدم والتطور اللذين بلغهما المجتمع، فما تقدمه الجامعة في اليابان، أو ما يتوقع منها يختلف عما يتوقع من جامعة في مجتمع لا يزال في أولى درجات السلم من النماء.
في المجتمعات الأقل نماءً يحتاج المجتمع إلى معلمين وإلى متخصصي طبابة وإلى مهندسين، هذه تمثل حاجة قصوى، لكن في مجتمع آخر قد يكون متخصصو الفضاء والإلكترونيات والفيروسات وتقنية النانو وغيرها من التخصصات، وفي مجالات ضيقة جداً، هي من المجالات التي تسعى الجامعات إلى التفوق فيها، وتحقيق تقدم تشتهر من خلاله، وتحقق مكاسب مادية ومعنوية.
وإذا كان إيجاد المتخصصين يمثل إحدى مهمات الجامعات، إلا أن مهمة البحث العلمي لا تقل في أهميتها عنها، فالأبحاث التي تقوم بها الجامعات ممثلة في مراكز البحوث وأعضاء هيئة التدريس والطلاب النابغين ذوي التوجه البحثي، تمثل نشاطاً بارزاً يفترض في الجامعة أن تتحلى به، خاصة البحوث المميزة والرصينة التي تسهم في إيجاد الحلول لمشكلات اجتماعية، أو فتح آفاق جديدة في مجالات معرفية مجهولة، أو لا يعلم عنها إلا القليل، وما البحوث في مجال الطاقة إلا مثال على ذلك، فلعقود كان اعتماد العالم في الطاقة يعتمد على النفط، لكن مع البحوث والدراسات دخل الغاز والرياح، والماء، والآن الطاقة الحيوية لتكون هذه رافداً للنفط، وربما منافساً قوياً في القريب العاجل.
من أبرز ملامح الجامعات المتميزة قربها من المجتمع، وتلمس احتياجاته ومشكلاته والسعي لتحقيق الاحتياجات وإيجاد الحلول، لكن هذا لا يصرفها عن إجراء البحوث والدراسات في القضايا المعاصرة والمستقبلية، وهذا – مع الأسف - ما تفتقده جامعاتنا، إذ يندر أو ينعدم مثل هذا التوجه، فدراسات وبحوث بشأن حياتنا ما بعد النفط، أو الحلول لمشكلة المياه التي نعتمد في الحصول عليها في الوقت الراهن من مياه البحر المحلاة، وهذا ليس مضموناً استمراره.
مع ما يحدث في منطقتنا من أحداث وتغيرات، بل ما يحدث على مستوى العالم من تكتلات وتحالفات، هل من الممكن أن يكون لجامعاتنا بما فيها من إمكانات بشرية ومادية من دور في رسم خطط استراتيجية تحفظ لنا مكاناً متقدماً على الخريطة الدولية، وذلك بإجراء الدراسات والأبحاث ذات الطابع الاستشرافي. إن سيرورة الزمن والعالم بما فيه من تناقضات وصراعات لا تمكن المجتمعات التي تتخلى عنها جامعاتها أو تلك التي تحدد أفق تفكير جامعاتها.
الموضوعات السابقة كلها مهمة، وقد تبدو للبعض أنها بحوث ترف، لكنها في الحقيقة ضرورية لبلد مثل بلدنا ومنطقتنا، فالكثافة السكانية وعناصر القوة المتوافرة: السياسية، الاقتصادية، والدينية، تزيد من مسؤولية جامعاتنا لتنطلق منها وتؤسس عليها معالم مشروع حضاري كبير نقدمه للعالم بعد أن ننضجه بالبحث والدراسة.
في بحث أجريته لمصلحة وزارة التعليم العالي على جامعة "أوكلاند" في نيوزيلندا لفت نظري وجود 32 مركز بحث على الرغم من أن الجامعة ليست كبيرة الحجم، بل إن طلابها 30 ألفاً، لكن الجامعة تعد البحث ركناً أساساً فيها، وبالتأمل في مجالات وموضوعات مراكز البحوث نجد أنها متنوعة بتنوع مجالات الحياة، حتى إن "الماوريز" سكان نيوزيلندا الأصليين خصصت الجامعة مركز بحث يعنى بثقافتهم وجيناتهم ومشكلاتهم الاجتماعية والحياتية، لذا تمكنت الجامعة في عام 2006 أن تحوز الترتيب الـ 52 عالمياً، وفق التصنيف العالمي البريطاني.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي