الزيارة الملكية لمصر .. تطبيق للاستراتيجية التي وضعها الملك عبد العزيز
تأتي زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لجمهورية مصر العربية أمس في إطار استراتيجية الأخوة العربية وتحقيق أعلى درجات التضامن العربي التي وضعها الملك عبد العزيز في عام 1945 حينما زار مصر ووقع مع الملك فاروق ملك المملكة المصرية على اتفاقية تأسيس جامعة الدول العربية. ومنذ ذلك التاريخ فقد حرص جميع أبناء الملك عبد العزيز ملوك المملكة: سعود، وفيصل، وخالد، وفهد - رحمهم الله - على بناء علاقات أخوية وتضامنية مع جمهورية مصر العربية هدفها التعاون من أجل دعم أواصر شعبي البلدين الشقيقين.
ويرى الخليجيون أن دول الخليج بمثابة العمق الاستراتيجي لجمهورية مصر العربية، ولذلك - على مدى التاريخ المديد - ارتبطت دول الخليج مع مصر بعلاقات أخوية حميمة، علاقات امتدت في كل مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية وحتى الرياضية ..
ولذلك حينما غزى صدام حسين دولة الكويت في عام 1990 كانت مصر في مقدمة الدول المدافعة عن حقوق الشعب الكويتي في أرضه وترابه.
وحينما اندلعت ثورة الشعب المصري في 25 كانون الثاني (يناير) 2011 بادرت المملكة العربية السعودية بتأييد واحترام خيار الشعب المصري، وأعلنت عن دعمها لمصر اقتصادياً وسياسياً وفي جميع المجالات والمحافل.
ولقد كان خادم الحرمين الشريفين يتابع باهتمام تطورات الأوضاع في جمهورية مصر العربية طوال السنوات الثلاث الماضية التي كانت بالفعل تبعث على القلق، وكان - حفظه الله - يؤكد على أهمية مصر القوية المستقرة، ولذلك حينما اختار الشعب المصري دستوره، ثم انتخب رئيسه الرئيس عبد الفتاح السيسي، أعلن خادم الحرمين الشريفين عن استمرار المملكة في دعم مصر، ودعا الدول المانحة والداعمة للاجتماع لوضع خطط فورية لدعم الاقتصاد المصري حتى يتعافى ويخرج من عثرته. إن المملكة العربية السعودية حينما تقف مع مصر إنما تؤدي واجباً تفرضه روح الأخوة العربية وواجب الدين الحنيف الذي يأمرنا بأن نقف مع بعضنا البعض - في الملمات - كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً.
والزيارة التي قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لمصر أمس تأتي في إطار حرص المملكة على دعم مصر حكومة وشعباً ووضع خطط عملية لتنفيذ المشاريع التي وعدت بها المملكة والكويت والإمارات العربية المتحدة.
ولكن ما يجب أن نعترف به هو أن الاقتصاد المصري يشكو من الترهل والضعف ويحتاج إلى قوى عاملة قادرة على تنشيط شرايينه وأوصاله.
وإذا كانت دول الخليج ستمول المشاريع الاقتصادية ذات المردود الكبير، فإن واجب الإدارة المصرية أن تعمل على اعتماد وتنفيذ المشاريع بأعلى درجات الإنتاجية والجودة، ونكاد نسلم بأن النظام البيروقراطي في مصر يعتبر سبباً من أسباب المشاكل الكثيرة التي يعانيها الاقتصاد المصري.
ويجب أن نكون صريحين مع الأشقاء في مصر ونقول لهم إن الاقتصاد المصري يشكو من أمراض في الجسم البيروقراطي الذي كثيراً ما كان عقبة أمام سرعة تنفيذ مشاريع وبرامج التنمية والتطوير.
ولذلك فإن الدعم الخليجي فرصة ذهبية لانتشال الاقتصاد من الركود الذي يعانيه، ولاسيما أن المساعدات الخليجية تأتي كمساعدات ومنح لدعم الاقتصاد المصري ولا تتحمل الخزينة المصرية أي أعباء من أعباء الفوائد أو الديون. المؤكد أن تلعب دول الخليج وأخص بالذات المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ودولة الكويت دوراً إيجابياً لعلاج المشاكل التي يعانيها الشعب المصري، وأهم المشاكل التي تعانيها مصر هي مشكلة البطالة التي أثرت سلباً على الحالة الأمنية في البلاد.
ولاشك فإن اعتماد تنفيذ المشاريع التنموية الكبيرة يرفع من وتيرة التشغيل في جميع أوصال الاقتصاد المصري، وسيساعد على تخفيف حدة البطالة، أي باعتماد تنفيذ هذه المشاريع، فإن الوظيفة ستكون متاحة لطالبها ممن يتميز بالكفاءة والإنتاجية العالية والرغبة الأكيدة في الاصطفاف في صفوف العاملين المخلصين.
إن المملكة العربية السعودية لا تألو جهداً في دعم الحكومة المصرية الجديدة، وعلى الحكومة أن تبذل قصارى جهدها لتنفيذ المشاريع وتحقيق آمال الشعب الذي صبر وصابر طويلاً على ظروف اقتصادية ومعيشية جد صعبة. إن تاريخ العلاقة بين دول الخليج ومصر تاريخ حافل بالتعاون والتضامن والعمل المشترك لخير الشعوب الخليجية ولخير الشعب المصري.