رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


«كذبة» الشيطان الأكبر

منذ بدء الثورة الإيرانية في 1979 التي أسقطت حكم الشاه محمد رضا بهلوي، والساسة الإيرانيون لا يصفون أمريكا إلا بـ "الشيطان الأكبر"، ولا يمكن أن تمر مناسبة دينية إلا وتستغل في إشعال الهتاف ضد هذا الشيطان، حتى صدقت الشعوب العربية والإسلامية أن ثمة "صراعا" أو حربا باردة بين إيران وأمريكا، وأن الأولى هي الدولة الوحيدة القادرة على إعادة حقوق المسلمين المسلوبة في فلسطين.
ولكن كل الأحداث على مدى العقدين الماضيين تقول عكس ذلك، وإن رواية الشيطان الأكبر ما هي إلا ذريعة لاستعطاف الشعوب الإسلامية والعربية ومواراة للمد الفارسي في المنطقة، الذي ترعاه أمريكا أو من تسميه إيران بالشيطان الأكبر.
حرب أمريكا ضد طالبان والقاعدة في أفغانستان شهدت تنسيقا كبيرا بين الخصمين "أمريكا وإيران"، ناهيك عن تسليم إيران للعراق على طبق من ذهب بعد اجتياح الجيوش الأمريكية لبغداد في ربيع 2003 وإسقاط نظام صدام حسين المعادي لإيران.
حتى في الملف السوري وقفت أمريكا حجر عثرة أمام إسقاط النظام السوري الموالي لإيران، عبر منع تدفق الأسلحة النوعية للمعارضة السورية "السنية"، ووصف غالبية الفصائل السنية المقاتلة بالحركات الإرهابية، وتغاضيها عن الفصائل المقاتلة الأخرى المدعومة من إيران كحزب الله اللبناني وأبو الفضل العباس العراقي. أيضا دول الخليج التي تعتقد أن أمريكا تعدها من الحلفاء كان ثمة تعاون "أمريكي ــ إيراني" ضدها، عبر محاولة إسقاط نظام الحكم في البحرين واستبداله بآخر ينتمي للطائفة الشيعية الموالية لإيران، فتقول هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة عبر مذكرات نشرتها في فبراير الماضي، إن أمريكا كان لديها تصور أن الثورات العربية في المنطقة في اتجاه واحد، وأن حقوق الشعب البحريني مثلها مثل حقوق الشعوب العربية الأخرى في مصر وتونس وليبيا"، وتعني بذلك أن أمريكا ترى أحقية في إسقاط الحكم في البحرين كما ذهب إليه الأمر في بقية الدول كمصر وتونس وليبيا.
وذكرت هيلاري في مذكراتها أن العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز قد وبخها بفعل دعم أمريكا للاضطرابات في البحرين في عام 2011، وذكرت أنه قال لها بـ "حسم" ما يجري في البحرين هو شأن يخص مجلس التعاون الخليجي، وهو الأمر الذي اضطر أمريكا إلى تخفيف حدة الانتقادات الأمريكية للبحرين.
انكشفت كذبة الشيطان الأكبر الذي تعاديه إيران، وأصبحنا نرى الأمور واضحة وجلية، وأننا كشعوب عربية نعاني شيطانين لا شيطانا واحدا، أحدهما أكبر والآخر أصغر يتعاونان من أجل زعزعة الاستقرار في كل الدول العربية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي