لا تكفل أحدا
أنا أتهيب من الشرطة، منذ الصغر. ولا أتذكر أنني دخلت هذا المكان شاكيا أو مشكوا منه، إلا مرة واحدة هاتفني فيها صديق طالبا مني الفزعة في إجازة نهاية الأسبوع لكفالة شخص، وقد فعلت ونسيت الموضوع، باعتبار أن الرجل بحسب وعده لي سيعود مطلع الأسبوع لينهي قضيته المالية التي تم بسببها احتجازه.
حملت الرجل من الشرطة لتوصيله إلى منزل صديق له، ولم أتساءل وقتها: لماذا كفلته أنا الذي لا أعرفه، ولم يكفله صديقه الذي أوصلته إليه؟!
بعد بضعة أسابيع فوجئت باستدعاء من الشرطة، حيث طالبوني بتحضير الشخص أو تسديد ما عليه من مستحقات، أو الدخول إلى السجن.
ولأنني لا أعرف الشخص الذي كفلته نهائيا، فقد لجأت إلى صاحبي الذي استفزع بي، لكنه تعامل مع الأمر عندما حكيت له القصة بمنتهى الحياد، وكذلك فعل معي صديق مشترك بيننا. وبالتالي فقد آثرت أن أتدبر المبلغ المطلوب وأحفظ ماء وجهي من ورطة أسبابها يحفظ تفاصيلها عدة شهود آثروا الحياد رغم أن الرجل كان صديقهم لا صديقي.
لماذا أحكي هذه القصة القديمة؟!
لأنني ما زلت أجد أناسا يقعون في ورطة الكفيل الغارم نفسها، ثم يكابدون العناء، وبدلا من أن تصنع جميلا، يتحول الأمر إلى دين يثقل ظهرك.
كثير منا يمنعه الخجل والحياء أن يقول لا. لكن هل يمنع الحياء والخجل أولئك من تركك تغرق في الدين أو تدخل السجن وهم يمارسون الفرجة عليك؟! بالتأكيد لا.