كلام الناس
قال: أريد أن أفتتح المطعم الذي حلمت به، لكني أخاف أن أفشل وينتقدني الناس فأصاب بالخيبة!
قالت: يراودني حلم منذ الطفولة أن أحصل على الماجستير لكني أخاف أن يقول الناس "يوم شاب ودوه الكتاب”، ماذا ستفعل بالماجستير وهي في الخمسين؟
قال: أريد أن أرتبط بالإنسانة التي أحبها، لكني أخاف أن يقول الناس ارتبط بفتاة من غير قبيلته؟!
قالت: "أريد أن أقص شعري لكن أخاف أن تضحك زميلاتي علي ويقلن قصة الشعر لا تناسبك".
خوفك من "حكي الناس" سيعوقك عن أي تقدم قد تحرزه في حياتك، أو أي اختيار قد تقدم عليه حتى وإن كنت مقتنعا به، أنت لن تتقدم أبدا لأنك دائما تعمل "ألف حساب" للناس ولكلامهم، فكلمة منهم تذهب بك أقصى المشرق وأخرى تطيح بك لأقصى المغرب، ما يجعلك مرتعا خصبا للتوجس والتحسس من كلام الناس "فتنكد" على أسرتك وأبنائك ونفسك بسبب ذلك، فكل فعل أو قرار تقدم عليه يجب أن يمر بمصفاة "وش راح يقولون عنا الناس".
لذلك فما أن يضع شخص حسابا "لكلام الناس" حتى يبدأ بالارتجاف خوفا من انتقادهم، بل ربما كانت مصيبته في الأمر الذي حدث له أهون بكثير في نظره مما سيقوله الناس عنه، فالمطلقة تخاف من كلام الناس، والسجين يخاف من كلام الناس، والعانس تخاف من كلام الناس، والفاشل في دراسته أو بعثته أو مشروعه يخاف من كلام الناس ... إلخ.
لو سلم أحد من كلام الناس لسلم منه سيد البشر ــ عليه الصلاة والسلام ــ لذلك فأنت لن تسلم بأي حال من الأحوال من كلام الناس وانتقادهم لك، فكن مدركا تماما لهذه الحقيقة، ومن اليوم وصاعدا وحتى تعيش هانئ البال مرتاح النفس، لا تدع كلام الناس في قائمة أولوياتك التي تهتم بها وتقيم لها وزنا، خاصة حين يكون انتقادا محبطا سلبيا لا انتقادا هادفا إيجابيا.
كن قويا واتخذ قراراتك وادرسها جيدا ثم توكل على الله ونفذها دون أن يرتسم أمامك ذلك "البعبع" المسمى كلام الناس.
همسة
يقول حبيبنا ــ عليه الصلاة والسلام: "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه". فالتدخل في شؤون الآخرين والتلذذ بمعرفة أخبارهم مع شاي الضحى أو قهوة المساء .. ليس من كمال الإسلام!