رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


العلاقة الضعيفة بين سوق الأسهم والاقتصاد

بعد أن ارتفع مؤشر الأسهم 26 في المائة عام 2013، سجل ارتفاعا في هذا العام (16 في المائة حتى 01/06/2014)، تبلغ قيمة أكبر 18 شركة أكثر من تريليون ريال، ولذلك فإن أي تغيير محسوس سيؤثر في حالة وتصرفات الناس المالية، وبالتالي سيؤثر في النشاطات الاقتصادية الأخرى وإلى حد أقل ربحية القطاع المصرفي. ولكن العلاقة الكونية بين سوق الأسهم والحالة الاقتصادية (الاستثمارات والنمو الاقتصادي وتغير مستوى الإنتاجية) جوهريا ضعيفة. فسوق الأسهم لا يقوم بالدور الرئيس له: توفير المال لتمويل الاستثمارات. فنحن بين حقيقة أن لسوق الأسهم دورا مركزيا لحياة الأفراد، وإلى حد أقل للشركات العائلية في التخارج، وبين غياب السوق في توظيف المال اقتصاديا من خلال تحريك الفعاليات الاقتصادية. في الجوهر هذا الإسقاط مستمر؛ لأن الظاهرة المالية على إدارة الاقتصاد تطغى على دور الإنتاجية والإبداع - عوامل النمو الحقيقية. هناك فجوة بين الاستحقاق النظري وبين واقع السوق.
تحليليا هناك حالة من الواقع يجب تفهمها مهما بدت النظريات جذابة وحتى جاهزة لأي إسقاط يريح المحلل بعيدا عن الواقع. الواقع أن هناك وفرة مالية تمثل سوق الأسهم أحد ملامحها المهمة. أكبر سوق في المنطقة لها ثلاث صفات، الأولى أن كبر حجم السوق ومصالح جزء مؤثر من السكان يقتضي الاهتمام به على أعلى المستويات الاقتصادية وحتى السياسية لحماية مدخرات الناس إما مباشرة وإما عن طريق صناديق التقاعد والتأمينات. ثانيا، قبول الحاجة إلى عمل ضمني ومضنٍ «لإعادة» ربط عكسية بين السوق والاقتصاد، وهذه تحتاج إلى رؤية إدارية جديدة لم نعدها من الطاقم الاقتصادي، فمثلا يمر قطاع التأمين بدرجة من الفوضى، بينما القطاع المصرفي في وضع مريح مقابل جهاز رقابي أقل تدخلا ودقة. ثالثا، التوجس من الحالة الرقابية والثقافية، فبعد تجربة «المتكاملة» المخيفة بما في ذلك من تعويض المساهمين (تحمل أخطار ما يسمى moral hazard - اليقين بأن هناك من سينقذك من الإهمال)، وعدم قدرة هيئة السوق المالية على تأسيس حوكمة فاعلة لأسباب في جزء منها خارج صلاحيات وقدرات الهيئة، ولكن في جزء مؤثر بسبب عدم قدرة الهيئة على تأسيس شخصية قوية في المجتمع المالي والاقتصادي، فمثلا جاء إعلان الهيئة قبل أسبوعين تقريباً للحد من دور المتلاعبين في عدة شركات، ولم يكن هناك تأثير يذكر في سوق تغلب عليها المضاربات. للجانب الثقافي دور مهم أيضاً، حين تكون هناك فجوات بين مفاهيم الاقتصاد الحر والفراغات والفضاءات المصاحبة للاقتصاد الريعي. استمرارها يشوه معايير تصرفات الناس نحو المضاربة والاستثمار. هناك أوضاع مالية مريحة ملائمة لبيئة ثقافية تعشق المخاطرة والمضاربة.
من ناحية استثمارية بحتة حالة السوق النشطة، وارتفاع الأسعار تعبير عن ارتفاع أسعار النفط، والثقة بالحكومة بعد تجارب دول المنطقة، وانخفاض أسعار الفائدة، وتراكم تأثير الإنفاق العام، وأخيرا نزعة المضاربة في العقل العربي على حساب العمل الشاق. هذه الظروف تؤدي إلى كسب مريح، ولكن الظروف علمتنا أن الكسب المريح أيضاً قابل للزوال بسرعة لسببين، الأول أن هناك قدرا مشتركا بين سوق الأسهم والمخاطر، خاصة كلما زادت درجة الترابط مع الظاهرة المالية، والثاني، والمرتبط بالأول فطبيعة المخاطر في الأسواق الربيعية مختلفة. المخاطر في الأسواق الربيعية أعلى بسبب دور السيولة على حساب الأساسيات (الجودة في طبيعة الأعمال والإدارة) في غالبها لا تقبل التحجيم - العلاقة المتدرجة بين المخاطر والعائد أو على الأقل أضعف منها في الأسواق التي محركها الأساس الربحية الاقتصادية في أعمالها. لعل أفضل مثال أن تعلن شركات التأمين عن أوضاع مالية مفلسة، ومع هذا ترتفع أسعار أسهمها، وتسمح لها الهيئة بالتداول، كأن السوق نزهة للمقامرة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي