ما الذي تغير في الهلال؟

كثير من القادة ومن يسيرون في مقدمة الركب قد تضيق عليهم أحيانا آفاق الحل والمخرج لأزمة ما، وقد تتعسر عليهم الحلول المثالية التي تجعلهم في أمان من اللوم، ومن ثم الحصول على الرضا النفسي قبل الحصول على شهادة المجتمع القريب والبعيد ببراعة الحلول وتكاملها. ومن ذاك ما جنح إليه خمارويه حاكم مصر، الذي جعل من زواج ابنته مطية لرضا الخليفة العباسي، طمعاً في نيل رضاه ومباركة حكمه لمصر، فبالغ في أحلامه، حيث أنفق جل خزينته على تجهيز "قطر الندى" لعريسها الجديد، ولكن نتيجة ذلك لم تكن كما يريد، فلم يصله الدعم والعون من الحليف المرتقب، فثار الجند بسبب قلة الأعطيات فخسر ولم ينجح.
خطرت هذه القصة في بالي، كون في القصص عبرة، وفي تجارب الرجال حكمة، وأنا أرى كيف ختمت الإدارة الهلالية موسمها بصدام مع الجماهير، صدام كانت في غنى عنه، حيث جاء في ختام موسم لم يكن مثالياً، فكثير مما يميز الكيان الأزرق شابه شيء من الخلل، حتى استغرب وتعجب كثيرٌ من العقلاء حدوث هذه الهزات في وسط عُرف بالتماسك والمثالية، بينما أرجع بعض من يسبر أغوار الشأن الهلالي ذلك لغياب المرجعية القوية التي يأوي إليها الجمع وقت الملمات، فهل بات رئيس هيئة أعضاء الشرف غير قادر على جمع الكلمة؟ أم هي مشاكل فنية لم تُعالج أسقطت الفريق وفتحت باب المشاكل على مصراعيه؟ هل تغيرت سياسة الرئيس التي جعلت تأثير الشرف ضعيفاً في وقت مضى حين كان قادراً على الضخ المالي مستعينا بقوة عقد موبايلي، وبعد أن خسره عاد يخطب ودهم بتقديم تنازلات عن قناعات قاتل عليها فيما مضى.
من الشيم الجميلة التراجع عن الخطأ وعدم المسير بعيداً فيه، والخطأ كان منذ البداية في وضع سامي في أعلى السلم منذ التجربة الأولى، ولم يترك له المسير في التسلسل الطبيعي من الأسفل للأعلى، لكن الخطأ الأكبر الذي أدخل المنظومة كلها في حيرة وارتباك هو ضعف الخطاب الإعلامي وعدم وضوحه منذ البداية في مسائل كثيرة، حتى أصطدمت مع المدرج العاشق في بعض الأحيان، ولذا فشلت في التعامل مع ملف سامي الجابر الذي قُدّمَ كعربون بقاء للإدارة بعد خسارة التأهل الآسيوي العام الماضي، ومع هذا فهي لم تُعد الفريق جيداً، فالرئيس يذكر بأنه لم يدفع في هذا الموسم سوى 25 مليون ريال فقط كأقل ميزانية يقدمها منذ رئاسته، وموافقتها على سياسة سامي التي رسمها من غير أن تناقشه أو تحاول التعديل فيها، مما سبب لها فتوراً مع بقية أركان الكيان التي لم ترضَ عن كل ما يحدث، وانتقلت الأزمة لتلقي بظلالها على علاقة اللاعبين بالجهاز الفني، فخرج البعض واختفت فاعلية البعض الآخر، فأين كان دور الرئيس ونائبه من هذا كله! وحين تمت بعض الترتيبات التي أعادت للفريق روحه وشيئا من وهجه المفقود فوجئت الجماهير بدون مقدمات بإعلان الإقالة، وهنا تبرز إشكالية في كيفية التعامل مع اللاعب الجماهيري، وطالما أن علاقة الرياضي المحترف بمكان عمله ليست أزلية فقد غاب عن الإدارة أن الصراحة والوضوح سمة العمل الصادق والرغبة السليمة، ومواجهة الجمهور في وسط النادي أفضل من إصدار القرار من خارجه والجنوح للغة البيانات، التي عابوا على غيرهم زمناً طويلاً استخدامها.

الخاتمة
النصح لا يفيد شيئا، إذا لم يصادف أذنا تتطلب سماعه.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي