رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


وزارة الصحة .. المعركة الثقيلة على مقربة

"قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا".
لا شك أن مرض "كورونا" أشغلنا، وأشغل قطاعات الصحة، والناس، والإعلام، بل كل فرد. وهذا الإشغال لم يكن بلا مبرر، فقد انتصر كورونا في جولاته الأولى، وما زال ماضيا بمنجله يحصد الأرواح، ويروع الناس، ويرعب العاملين في المباشرة الصحية للمرضى، ويجعل كامل وزارة الصحة تقف على أطراف جهازها العصبي.
المحن التي فوق طاقاتنا وخارج قدراتنا العلمية والعملية تحتاج إلى إدارة، فإدارة مسألة الرعب الصحي تختلف تماما عما اتفق علماء الإدارة على تسميته إدارة الأزمات، لأن مرضاً مثل كورونا ليس كالزلزال أو الحريق أو المصاعب الاقتصادية التي وضِعَتْ لها الأفانينُ في علم إدارة الأزمات. هنا شيءٌ مختلف، إننا هنا نتعامل مع عدو لا نكاد نعرفه، ولا نعرف كيف نحاربه، بل لا نعرف تماما كيف نتصدى له، بينما هو – أي مرض كورونا - يعرفنا تمامنا، ويعرف خلايانا التي لا نعرفها نحن كما يعرفها هو، ويعرف كيف يؤذينا، ويعرف أيضا كيف يسلب الحياة من أجسادنا.. ويقف الطب، ووزارة ضخمة كالصحة عاجزة عن محاربته كمرض، وهنا تنبع الإدارة التي أتحدث عنها؛ إدارة نادرة وتحتاج إلى مهاراتٍ نادرةً بكيفية إدارة الناس والأماكن والتوعية لمرضٍ لم يصل حد البلاءً والانتشار، لكن رعبه مثل الرعب الذي يصيب أهل مدينة يعيث فيها قتلاً مجرمٌ متسلل كل يومٍ له ضحية، ويعرفون، وهذا ما يرعبهم، أن كل واحد منهم يمكن أن يكون الضحية التالية.
طيب.. لمَ الحديث الآن؟ سنتعرض لمسألة كبرى، مواجهة من النوع الثقيل مع هذا العدو الشرس الغامض الشبحي، تختلف عن بقية المواجهات بحجم تركيزها، وبصعوبة إدارتها لما تكون العناصر التي بيديك للإدارة ليست بيديك حقا. رمضان الكريم قادم قريب جدا، والناس من الآن يتأهبون بمختلف مشاربهم ومعارفهم لأداء العمرة في مكة المكرمة والبعض سيعرج على مدينة الرسول - صلى الله عليه وسلم. ستأتي وفود وحشود بمئات الآلاف من البلاد والخليج وخارجهما، فكل مسلم يحلم برمضان مكّي أو رمضاني مدني، خصوصا في الأيام العشرة الأخيرة، ولن يردعهم شيءٌ عن الحضور إلى العمرة. بالأمس تلقيت مكالماتٍ من أفراد سيذهبون للعمرة منهم الموظف العادي، ومنهم طبيب القلب الكبير، ومنهم رجل الأعمال المتعلم، ومنهم مبتعث سيذهب من مقر بعثته للعمرة، وكلهم يعلمون أن المرضَ سيتركز مع الجموع، خصوصا لما تكون مسألة الوقاية صعبة الالتزام نظرا لضغوط الازدحام، فلن يكون حوض المياه مع المعتمر في كل مكان ولا الصابون، ولا أظن أن المعقمات ستكون كافية أو حتى عملية.
هذه السنة العمرة لن تكون سهلة علينا كبلد، وأخاف أن تكون ككابوس ليلة صيف بالنسبة للوزارة، وستعد نفسها لمعركة كبيرة وترحّل كل طاقاتها الطبية والعلاجية في المربعات الضيقة بالمدينتين، وأشياء أخرى عليهم أن يتعلموها وسيتعلمونها في هذه الإدارة النادرة، إدارة مرض كورونا. والحجّ قادم..
نسأل الله تعالى ألا يأتي شهر رمضان أو موسم الحج إلا والكورونا صارت أمراً مقضيا، وحكاية تُحكى.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي