رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


استثمار 80 مليار ريال

استطاع وزير التعليم مشكورا رفع درجة الاستثمار بعد أن بدأ مشروع خادم الحرمين بميزانية تسعة مليارات قبل نحو سبع سنوات، لم يصرف منها إلا جزء قليل. في رسالتي لوزير التعليم ("الاقتصادية": رسالة إلى وزير التعليم) رأيت ما أن يلغى المشروع أو أن يأخذ محل الوزارة - بمعنى تحديث الوزارة. يعتقد البعض أن المبلغ كبير، لكن الحقيقة تنافي ذلك، فنسبة الاستثمار من اقتصاد المملكة لا تزال صغيرة مقارنة بالبرازيل وإندونيسيا، على سبيل المثال، كما أن الاستثمار في التعليم يحتاج إلى قفزة نوعية، فلا يمكن للاقتصاد أن ينمو دون قفزة واضحة في الإنتاجية، وهذا لن يحدث دون تحديث نوعي في التعليم. فالتعليم لم يخدم استثماريا. الأهم من حجم المبلغ هو إيجاد المعادلة المناسبة بين تجسيد رؤية واستراتيجية في تناسق واضح مع أهداف وخطط المملكة التنموية عامة والاقتصادية خاصة وتوظيف المال (ماديا وبشريا) وتوظيف الإدارة (تفعيل نماذج جديدة) بعيدا عن الشكليات. رافق تنفيذ المشروع قصور في الكفاءة لأسباب عدم وضوح الرؤية وكفاءة الكوادر المباشرة.
لا أعرف رؤية الوزير، لكن إشكالية البرنامج لا تزال من ثلاثة أنواع الأول أن الكادر البيروقراطي لم يرتق لرغبة القيادة في تجسيد منظومة واضحة فكريا وعمليا على الرغم (أو لعله السبب) من توظيف دراسات عدة صرف عليها عشرات الملايين دون تفعيل، ففاقد الشيء لا يعطيه: لم ينبع طلب الدراسات ذاتيا من الفريق المباشر على البرنامج ولا عن موظفي الوزارة المسؤولين عن التنفيذ إنما عملية إسناد. ثانيا لم يكن هناك وعي كامل لمقاومة التغيير، فالبرنامج أصبح مصدر رزق للبعض (نقصد به استغلال وظيفة حكومية عالية الأجر دون مساءلة واضحة)، خاصة أن موظفي الوزارة لم يحصلوا على ميزات مالية مرادفة. ثالثا، ولعله الأصعب تفهما وترجمة إلى سياسات عامة - سبب فلسفي - فالرابط بين التعليم والتوظيف في الاقتصاد أصابه الوهن والضعف حين تكون الوظيفة الحكومية هدفا مريحا - لذلك أصبحت الرسالة التعليمية التي تصل العامة (البيت والطالب) معوقة، لذلك طالبت في رسالتي أن يكون هناك تواصل بين وزير التعليم ووزيري الاقتصاد والعمل للوقوف على طبيعة وحماس المتلقي.
ما الحل؟
العتمة في الرؤية تنطلق من ضعف النموذج التنموي والاقتصادي لتحديث المملكة في هذه المرحلة. أحد جوانب العتمة أنه ليس لدينا رغبة واضحة للتجريب، ما يتنافى مع طبيعة العلم والاستحقاقات العملية. عدم التجريب يجعلنا لا نتعلم من أخطائنا وبالتالي نفقد "تراكمية المعرفة". من تجربة قصيرة مع الشركة أتقدم ببعض الاقتراحات التي ذكر بعضها في حلقات النقاش، لكنها لم تصل إلى أصحاب القرار. الأول، الحاجة إلى وضوح الرؤية للجميع (المشروع والوزارة والفعاليات العامة والخاصة) - الهدف المرحلي أن يستطيع الطالب السعودي بعد عشر سنوات من منافسة الطالب الكوري والسويدي. لن يتحقق ذلك دون إعادة مركزية ًدور المعلم وما يتبعها من استعدادات مادية وبشرية. ثانيا مراجعة فحصية لموظفي الصفوف: الأول والثاني والثالث في المشروع والوزارة، في المراحل الأولى يستحسن أن تكون العقود عالية الأجر، لكنها قصيرة، كي يكون الجميع على أقدامهم. ثالثا، الحاجة إلى تفكير إبداعي وخارج الصندوق، فمثلا هناك إجماع عام حول قصور مؤسسة التعليم الفني ("الاقتصادية": العلاقة العمياء بين التعليم العالي والمهني)، فالأحرى أن تمتد دراسة الثانوية العامة لسنتين أخريين تكون موجهة للتعليم المهني والفني للكل عدا من يجتاز امتحان قبول الجامعة المقنن على مستوى أعلى (من لا يجتزه لا تقبل شهادته الجامعية من جامعات الخارج أيضاً).
يقترن النجاح الحقيقي بمدى شجاعتنا في طرح مناسب مستقل وعزيمتنا على التنفيذ. والاستمرار على نماذج الماضي لم يعد خيارا مناسبا للزمان أو المكان، خاصة أن القيادة أثبتت استعدادا واضحاً للاستثمار الصحيح.. فلنبدأ بمراجعة دقيقة لتعليم النخبة القائمة على التعليم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي