رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


ما الذي يجعل المدن مستدامة؟

تواجه مدن العالم النامي تحديات استدامة مختلفة عن تلك التي تواجهها مدن العالم المتقدم. حيث إن حجم التغيير المطلوب في هذه المدن ضخم، كما يحتاج معدل هذا التغيير إلى أن يرتفع بشكل كبير إذا كانت هناك رغبة في مواجهة التحديات التي تفرضها الاستدامة البيئية والمجتمعية والاقتصادية. وأشار أحد الباحثين إلى أن حجم هذا التحدي من الضخامة لدرجة أن التصورات الخاصة بالمدن المستدامة غالبا ما تكون غير واقعية وغير قابلة للتحقيق.
ومن الرؤى المثيرة للاهتمام في هذا الصدد التفكير في مفهوم المدينة المستدامة بطريقة معيارية، بمعنى أنه يقوم على الآراء والقيم، وبالتالي يصعب تحديده. ويمكن لدراسات المحاكاة والدراسات المستقبلية المساعدة في هذا الأمر وإيجاد رؤى إيجابية تتمتع بالقدرة على إيجاد شعور مستقبلي يمكن أن يكون محفزا للتغيير.
وتعد المدن النموذج الوحيد للوجود الإنساني المركز، وتشير الدلائل إلى أن انخفاض كثافة المعيشة ليس خيارا مستداما، عند دمجه مع أنماط الحياة الصناعية المعقدة. ومن هذا المنظور فإن المدن المستدامة يجب أن تصبح حقيقة واقعة، ومن العوامل المهمة في هذا الإطار المحاذاة بين التكاليف والمنافع وبين سياسات الجزرة والعصا المقدمة للسكان.
ولقد بنيت بالفعل معظم المباني التي ستكون محل الاستخدام في عام 2050، وهذه الإحصائية تنطبق على معظم مدن العالم المتقدم. وهذا يشير إلى الدور الرئيس الذي ينبغي للتعديل التحديثي أداؤه للمساهمة في الاستدامة الحضرية.
وعلى مستوى المدينة ينبغي أن ينصب التركيز الاستراتيجي على التعديل التحديثي لكل من المباني والبنى التحتية للطاقة والنفايات والمياه. ومن بين التحديات المرتبطة بهذا الأمر الحصول على التمويل، والتقليل من إزعاج المقيمين، ودمج الاستدامة في المعايير والتشريعات. ويمكن للتقنيات الجديدة - على سبيل المثال ألواح الخلايا الشمسية المطلية - أن تؤدي دورا مهما في توفير أدوات التعديل التحديثي منخفض الكربون. وتواجه المدن في العالم النامي تحديا مزدوجا يتمثل في التعامل مع النمو الهائل في أعداد الفقراء في المناطق الحضرية، مع ضرورة إكسابهم المهارات الأساسية وتوفير رأس المال الخاص الذي يمكنهم من المنافسة على المستوى العالمي.
وهناك فرصة لمدن العالم النامي أن تكسب ميزة تنافسية على نظرائها من مدن العالم المتقدم إذا كانت قادرة على مواجهة هذه التحديات المفروضة عليها. ومن بين الطرق المؤدية إلى ذلك توظيف التقنيات القادرة على إحداث طفرات مثل النقل بالحافلات سريعة التردد، حيث توفر الآن هذه التقنية المطبقة بواسطة مدينة نامية للمقيمين بها وسيلة نقل عام رخيصة، وسريعة، وفاعلة.
ويجب أن تكون الحلول مصممة لموافقة احتياجات مدن محددة، حيث إن لكل مدينة مجموعة مختلفة من التحديات. وتسعى المدن في جميع أنحاء العالم جاهدة إلى جذب الناس من مختلف الثقافات ومختلف الطبقات الاجتماعية. وهذا يعني أن التركيز ينبغي أن ينصب على إيجاد بنية تحتية شاملة ومناسبة ودائمة من شأنها أن تحسن حياة الناس.
وتتنافس المدن على مستوى العالم في النمو والصناعة والاستثمار وفرص العمل، لكنها تحتاج أيضا إلى حل المشاكل التي تواجه سكانها المحليين. ومن طرق معالجة هذين التحديين العمل على تحويل القدرات المحلية إلى صادرات مستمرة.
ومن أجل تحقيق الاستدامة الحضرية، يحتاج القطاعان العام والخاص والقطاع الثالث إلى أن تعمل معا. وستتطلب جميع الحلول مزيجا من السياسات والشراكات مع القطاع الخاص والابتكار في مجال التقنية، والتخطيط والتفكير.
وللشبكات دور مهم يجب عليها أداؤه في تقاسم أفضل وأسوأ الممارسات، وتمكين المدن من التعلم من تجارب الآخرين. وعليه فمن المهم للمدن وضع منهج معد خصيصا لها بحيث يتناسب مع احتياجات سكانها.
وتحتل سلطات المدن الموقع الأنسب الذي يمكنها من تمثيل احتياجات سكانها في محيط السياسة الوطنية لأن هناك اتجاها لتوضيح الرابط بين الصحة العامة، وجودة الحياة والبيئة، والطريقة المحددة لتفاعل هذه العوامل معا في المدينة الواحدة.
ويحتل بؤرة هذا الأمر الاعتراف بأن سلوكيات وعقلية سكان المدينة بحاجة إلى التغيير بقدر ما تحتاج إليه المباني والبنية التحتية. إضافة إلى ذلك يمكن أيضا أن تؤدي الجهود الرامية إلى تغيير عقلية الموردين للأسواق إلى فوائد كبيرة في مجال الاستدامة.
والمدينة المستدامة هي تلك التي تتمتع بالتوازي بين النظم البيئية والثقافية والاقتصادية بالطريقة التي تدعم المستقبل الحضري المستدام. والمملكة العربية السعودية تعترف بتحديات توفير الطاقة المستدامة لسكان العالم المتزايد مع تقليل الأثر البيئي في الوقت نفسه، كما تدرك الحاجة إلى إيجاد الوعي لدى عامة الجمهور بالفوائد الكبيرة للاستدامة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي