دعوة خادم الحرمين إلى «اتحاد الخليج» علامة فارقة في مسيرة المجلس
أولت قيادة السعودية جُلّ اهتمامها بالشأن الخليجي، وعملت بكل صدق ومحبة وإخلاص على تحقيق ما فيه خير شعوب المنطقة وأمنها واستقرارها.
فمنذ القمة التأسيسية لمجلس التعاون لدول الخليج العربية التي عقدت في أبوظبي عاصمة دولة الإمارات في 21 من رجب عام 1401هـ الموافق 25 مايو 1981 برزت مواقف القيادة السعودية بالفعل قبل القول في دعم العمل الخليجي والنهوض به على المستويين الداخلي والخارجي.
وفي اجتماعات الدورة الـ32 للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية التي عقدت يوم 19 ديسمبر 2011 في الرياض تبنى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز تحول مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد، وقال حينها "نجتمع اليوم في ظل تحديات تستدعي منا اليقظة، وزمن يفرض علينا وحدة الصف والكلمة. ولا شك أنكم جميعاً تعلمون أننا مستهدفون في أمننا واستقرارنا، لذلك علينا أن نكون على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقنا تجاه ديننا وأوطاننا. كما أننا في دول الخليج العربي جزء من أمتنا العربية والإسلامية، ومن الواجب علينا مساعدة أشقائنا في كل ما من شأنه تحقيق آمالهم وحقن دمائهم وتجنيبهم تداعيات الأحداث والصراعات ومخاطر التدخلات".
وزاد الملك عبد الله بن عبد العزيز "لقد علمنا التاريخ وعلمتنا التجارب ألا نقف عند واقعنا ونقول اكتفينا، ومن يفعل ذلك سيجد نفسه في آخر القافلة ويواجه الضياع وحقيقة الضعف، وهذا أمر لا نقبله جميعاً لأوطاننا وأهلنا واستقرارنا وأمننا. لذلك أطلب منكم اليوم أن نتجاوز مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد في كيان واحد يحقق الخير ويدفع الشر إن شاء الله". وطرحت السعودية في كثير من القمم الخليجية، قضايا ذات بعد وحدوي، ففي الدورة الـ22 التي عقدت في العاصمة العمانية مسقط في 30 ديسمبر 2001م حمل خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز- ولي العهد آنذاك- الاهتمام بقضايا الأمة الخليجية وهمومها إلى تلك القمة، حيث شخص في كلمته أمام القمة الداء واقترح الدواء، وقال "إن الداء الذي لا أظننا نختلف على طبيعته هو الفرقة القاتلة التي أبعدت الجار عن جاره ونفرت الشقيق عن شقيقه".
ورأى أن الدواء يكمن في الوحدة التي تعيد الجار إلى جاره والشقيق إلى حضن شقيقه.
ويقول الملك عبد الله بن عبد العزيز في هذا السياق "إن الوحدة الحقيقية لا تنصب على الشكليات، ولكنها تقوم على مشاريع اقتصادية مشتركة تنظم من أقصاها إلى أقصاها، وعلى مناهج دراسية واحدة تنتج جيلاً شاباً مؤهلاً للتعامل مع المتغيرات، وعلى قنوات عربية وإسلامية تستطيع معالجة مشاكلنا". وكان خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز واضحاً وصريحًا، وهو يطرح القضايا الملحة أمام قادة دول المجلس لمعالجتها وتسريع خطوات المجلس في تحقيق الوحدة والتعامل بين الدول الأعضاء في مختلف المجالات، وصراحته تلك تنبع من حرصه على تحقيق الأهداف التي أنشئ لأجلها المجلس.
ويقول في هذا السياق "إننا لا نخجل من القول إننا لم نستطع بعد أن نحقق الأهداف التي توخيناها حين إنشاء المجلس، وما زلنا بعد أكثر من 20 سنة من عمل المجلس نسير ببطء لا يتناسب مع وتيرة العصر، والإنصاف يقتضي أن نقرر أن دول المجلس استطاعت تحقيق إنجازات طيبة، يجيء في مقدمتها حل الأغلبية الساحقة من القضايا الحدودية المعلقة الآن جزء يسير يذكرنا بالجزء الكبير الذي لم يتحقق، فلم نصل بعد إلى إنشاء قوة عسكرية واحدة تردع العدو وتدعم الصديق، ولم نصل بعد إلى السوق الواحدة، ولم نتمكن بعد من صياغة موقف سياسي واحد نجابه به كل الأزمات السياسية".
وقدم خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وثيقة لقادة دول المجلس خلال اللقاء التشاوري الرابع للقادة الذي عقد خلال شهر مايو عام 2002م في مدينة الرياض، تضمنت آراؤه تطوير وتفعيل مجلس التعاون، ومن بينها إصلاح النظم التعليمية وتوحيدها في الدول الأعضاء في المجلس، تلك الوثيقة التي تعكس مدى حرصه على تفعيل آليات التعاون بين الدول الأعضاء وتوحيد السياسات الاقتصادية والتعليمية وغيرهما؛ كونها السبيل الوحيد لمزيد من الوحدة والتلاحم بين شعوب الدول الأعضاء، وهو الهدف الأهم لمجلس التعاون الخليجي.
وتبنت الدورة 24 للمجلس الأعلى لمجلس التعاون التي عقدت في دولة الكويت في ديسمبر عام 2003م، أهمية اتخاذ القرارات اللازمة والخطوات العملية للبدء في تنفيذ أهداف استراتيجية التنمية الشاملة التي سبق إقرارها في الدورة التاسعة عشرة للمجلس الأعلى في أبوظبي.
وطالبت قمة الكويت بالبدء في عملية إصلاح النظم التعليمية وتوحيدها في الدول الأعضاء حسبما جاء في الوثيقة المقدمة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ولي العهد أنذاك.
وبارك المجلس الأعلى لمجلس التعاون الخليجي في دورته الـ25، مقترحات خادم الحرمين الشريفين بشأن تطوير قوات درع الجزيرة، وأحالها إلى مجلس الدفاع المشترك لدراستها ورفع التوصيات بشأنها. وفي الدورة الـ27 التي عقدت في مدينة الرياض نهاية عام 2006م، واطلع المجلس على نتائج الاجتماع الدوري الخامس لمجلس الدفاع المشترك، حيث صادق على الدراسة التي رفعها مجلس الدفاع المشترك الخاصة بمقترح خادم الحرمين الشريفين لتطوير قوة درع الجزيرة التي تهدف إلى تعزيز وتطوير القوة وزيادة الفعاليات القتالية، وكلف الأمانة العامة بمتابعة استكمال الدراسات والتنظيمات المتعلقة بذلك.