رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


مصادر الطاقة المتجددة تحصل على موطئ في إفريقيا

يعزى اعتماد مصادر الطاقة المتجددة بصورة رئيسة في إفريقيا إلى العامل الاقتصادي أكثر من الدافع لاستخدام الطاقة النظيفة. في عام 2010 أنتجت الدول الإفريقية جنوب الصحراء الكبرى مجتمعة نحو 0.8 طن من انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكربون لكل فرد، من ضمنها انبعاثات جنوب إفريقيا التي تعتمد بصورة كبيرة على الفحم لتوليد الطاقة الكهربائية، مقارنة بالمعدل العالمي البالغ 4.9 مليون طن للفرد الواحد.
لذلك بالنسبة للدول الإفريقية التي تسعى لتنشيط اقتصادها، وفي حاجة إلى الحصول على مصادر طاقة رخيصة ووفيرة، فإن استخدام مصادر الطاقة النظيفة قد يشكل ورقة رابحة لها، خصوصا إذا ما كانت التكاليف أقل.
مثلما ساهمت وحدات توليد الطاقة المتجددة الصغيرة الحجم في توفير الطاقة، كذلك كانت مصادر الطاقة الكهرومائية الكبيرة أحد مصادر الطاقة المتجددة التي وفرت بالفعل كميات صناعية من الطاقة الكهربائية في العديد من الدول الإفريقية. في شرق إفريقيا، الطاقة الكهرومائية من السدود العملاقة من إثيوبيا، وكذلك من كينيا، أوغندا وتنزانيا من المتوقع أن تغذي شبكة الكهرباء الدولية المزمع بناؤها في المنطقة. المساهم الرئيس الآخر لهذه الشبكة الدولية المقترحة من المرجح أن يكون الغاز الطبيعي من الحقول المكتشفة حديثا قبالة سواحل شرق إفريقيا، حيث إن تقديرات الاحتياطي مستمرة في النمو وعمليات تطوير الحقول جارية على قدم وساق. كما أن مصادر طاقة الرياح والطاقة الشمسية ليست مستبعدة هي الأخرى من هذا المشروع، حيث إنها تشكل جزءا من الخطة لإضافة نحو 5 جيجاواط من الكهرباء إلى طاقة التوليد في كينيا بحلول عام 2017، على الرغم من أن الكثير من هذه الطاقة من المرجح أن تأتي أيضا من محطات التوليد التي تعمل بالغاز والفحم.
إذا ما أخذت مصادر الطاقة المتجددة في إفريقيا موقعا جيدا في مزيج الطاقة بطريقة مشابهة للبلدان المتقدمة، فإن ذلك سيكون في جنوب إفريقيا. إن اقتصاد جنوب إفريقيا كبير بما يكفي لتمكين حشد الاستثمارات اللازمة لتطوير مصادر الطاقة المتجددة، وفي الوقت نفسه تحرص الحكومة على تنويع اقتصادها بعيدا عن الفحم، الذي لا يزال يوفر نحو 90 في المائة من الطاقة الكهربائية للبلاد، في حين أن مصادر الطاقة الأخرى مثل النووية، الكهرومائية والغاز تشكل 10 في المائة الباقية.
إن خطة الموارد المتكاملة المقترحة لجنوب إفريقيا تشتمل على استراتيجية لبناء طاقة متجددة جديدة بقدرة 19 جيجاواط خلال 20-30 سنة المقبلة، التي من شأنها أن تشكل أكثر من 40 في المائة من طاقات التوليد الجديدة التي تعتزم بناءها في ذلك الحين.
من مجموع 19 جيجاواط، 9.1 جيجاواط من المتوقع أن تأتي من طاقة الرياح، نحو 8.4 من الطاقة الشمسية الكهروضوئية، 1.2 جيجاواط من تقنية الطاقة الشمسية المركزة، 125 ميجاواط من غاز الميثان ومشاريع الطاقة الكهرومائية الصغيرة، 130 ميجاواط من الكتلة الحيوية والغاز الحيوي. ترتكز الخطط على جذب الاستثمارات من القطاع الخاص من خلال برامج شراء الطاقة المتجددة من المنتجين المستقلين، هذه البرامج يتم تنفيذها على مراحل متعددة وتشمل معايير عدة مثل تعريفة التزويد بالطاقة وسقف التعريفة للسيطرة على التكاليف، إضافة إلى معايير الأهداف الاجتماعية والاقتصادية المختلفة.
أهم درس في الدفع باتجاه مصادر الطاقة المتجددة في جنوب إفريقيا قد يكون كيفية إشراك ومساهمة القطاع الخاص في تطوير قطاع الطاقة. أغلبية الاستثمارات الخاصة في مجال توليد الطاقة الكهربائية في جنوب إفريقيا هي في الطاقة المتجددة، وهي استثمارات كبيرة. حيث إن هناك أموالا كبيرة تنفق على مشاريع كبيرة من قبل العديد من الشركات الدولية والممولين المحليين والدوليين.
هذا الرأي لقي صدى أيضا عند باقي الدول في إفريقيا التي تسهم في بناء مشاريع طاقة متجددة أصغر بكثير. على سبيل المثال، نظام الشراكة بين القطاعين العام والخاص في رواندا أثبت أن القطاع الخاص يمكن أن يشارك بنجاح في تطوير مشاريع كهرومائية صغيرة.
لكن اليوم الذي ستلعب فيه مصادر الطاقة المتجددة دورا مهيمنا في مجال توليد الطاقة في إفريقيا لا يزال بعيدا بعض الشيء. لقد طرحت حتى الآن خطط ومشاريع واسعة النطاق وطموحة، مثل مشروع "كهرباء الصحراء"، الذي يتوقع إنتاج الطاقة الكهربائية من وحدات الطاقة الشمسية العملاقة في الصحراء وتصديرها عبر شمال إفريقيا إلى أوروبا، أو مشروع سد إنغا (Inga) العملاق على نهر الكونغو في جمهورية الكونغو الديمقراطية. إذا ما تم بناء سد إنغا العظيم، فإنه يمكن أن ينتج نحو 40 جيجاواط، أي أكثر من الطاقة الكهربائية المستهلكة حاليا في جميع الدول الإفريقية جنوب الصحراء الكبرى، باستثناء جنوب إفريقيا.
لكن هذه المشاريع لا تزال إلى حد كبير حبرا على ورق، من المرجح أن تبقى كذلك حتى يتحسن الوضع السياسي، العلاقات الدولية والقدرة على جذب الاستثمارات إلى إفريقيا. حتى ذلك الحين، ستبقى مصادر الطاقة الكهرومائية المصدر الرئيس، في حين غيرها من أشكال الطاقة المتجددة سيكون دورها محدودا نسبيا في المساهمة في إمدادات الطاقة في إفريقيا، لكنه على الرغم من ذلك سيكون دورها مهما ومؤثرا، خصوصا في المناطق النائية التي تفتقر إلى أي شكل من أشكال الطاقة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي