مستقبل الحوار الوطني
عشرة أعوام مرت على انطلاقة عجلة الحوار عبر مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني. خلال هذه الأعوام العشرة، تحققت أمور كثيرة، ويظهر أن هناك أمورا من الممكن أن تتحقق، إن توفر الحماس لدى جهات الاختصاص.
الخميس الماضي كنت ضمن مجموعة من الكتاب والأكاديميين الذين تم توجيه الدعوة إليهم للحديث عن التجربة واستشراف المستقبل في السنوات العشر التالية.
الحقيقة أنني وسواي من المشاركين عبرنا عن تقديرنا لهذه التجربة، خاصة مع المعطيات والمعلومات التي قدمها المركز. لكن هذا الأمر لم يكن مانعا للمشاركين من توجيه النقد، بهدف تحقيق صورة أكثر إيجابية للحوار ومساراته.
كان من الأمور الجيدة توجه التدريب ونشر ثقافة الحوار من خلال مؤسسات وزارة التربية والتعليم وكذلك وزارة الشؤون الإسلامية... إلى آخره.
الشراكات التي نفذها المركز بعضها كان فاعلا، والبعض الآخر ما زال ينتظر. وهذه ليست إشكالية المركز وحده، إذ هناك جهات حكومية أخرى تشكو من تعطيل تفعيل الشراكات التي تتطلع إلى تحقيق الأهداف بشكل أكثر فاعلية.
وصول المركز إلى خطباء الجمعة ومنسوبي الحسبة والطلاب والطالبات أمور مهمة فعلا، ولكن تأثيرها وفاعليتها تحتاج إلى تكرار الرسائل. من المهم أيضا أن تدخل وزارة الثقافة والإعلام في حلف مع المركز، لتكريس هذه المفاهيم.
أنا لا أتحدث هنا عن الأخبار والتقارير، لكنني أعني رسائل الحوار الإيجابي، وهو ما نرى انحسارا له في بعض القنوات وفي مقدمتها القنوات الرياضية.
أتصور أنه يجب على مركز الحوار الوطني أن يعيد بناء لفظة الحوار، بحيث تتخلص من الإشكالات التي التصقت بها في ذهنية كثيرين. الحوار لا يفترض أبدا أن تقنع من خلاله إنسانا برأيك. إذ يكفي أن يتفهم كل طرف أن هذا رأيك مع احتفاظه برأيه، والسعي لنوع من التقارب عبر فهم هذه الرؤية أو تلك.
قلت في اللقاء إنني أشعر بتوجس، عندما أرى نخبا تمارس عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تطاولا لا يتسق أبدا مع المضمون العلمي الذي تتكئ عليه. لا يمكن للمركز أن يعالج هذه الإشكالات بين يوم وليلة. المهم ألا تأخذ مسارات الحوار الوطني اهتمامات يمكن أن تحققها جهات أخرى. إشاعة الحوار الإيجابي مبدأ مهم، يعكس صحة للمجتمع، وينأى به عن التشدد والإرهاب، كما ينأى به عن التفريط أيضا، ويزيل أي احتقانات قد لا تلحظها العين.
طلبت أيضا أن يتم تفعيل مركز دراسات الرأي العام، بحيث يقدم للدولة والمجتمع دراسات عميقة تجاه بعض القضايا الخلافية، فالكل يتحدث عن المجتمع ويزعم أنه يمثله، بينما الصورة قد لا تكون كما يتصور هذا الطيف أو ذاك.