«عاصمة الثورة» تروي حكاياتها على الجدران
تروي شعارات وكتابات تركها مقاتلو المعارضة خلفهم على جدران حمص القديمة، قصص المدينة التي اعتبرت "عاصمة الثورة" ضد النظام السوري بدءا من أول الاحتجاجات قبل ثلاثة أعوام، مرورا بالحصار الخانق لنحو عامين، وصولا إلى خروجهم منها قبل أسبوع. بحسب وكالة الأنباء الفرنسية.
وفي هذه الأحياء التي استحالت دمارا، يمكن قراءة الشعارات التي كتبها المقاتلون في زاوية كل شارع وغالبا على جدران نخرها الرصاص والقذائف أو على أبواب المحال المتضررة والملتوية.
وتعكس الشعارات الأيام الأولى للاحتجاجات المناهضة لنظام الرئيس بشار الأسد التي اندلعت منتصف آذار (مارس) 2011، وشكلت حمص نقطة أساسية لها. وتحولت حركة الاحتجاج إلى نزاع دام أودى بحياة أكثر من 150 ألف شخص. ومثلت الحملات العنيفة التي شنتها القوات النظامية ضد بعض أحياء المدينة، نقطة تحول في اتجاه عسكرة النزاع.
#2#
ودخلت القوات النظامية أحياء وسط حمص التي كان يسيطر عليها المعارضون، في التاسع من أيار (مايو)، إثر اتفاق أشرفت عليه الأمم المتحدة. وخرج بموجب الاتفاق نحو ألفَيْ شخص أغلبيتهم من المقاتلين، بقوا في الأحياء رغم الحصار الذي فرض عليها منذ حزيران (يونيو) 2012.
ويسير عناصر من القوات النظامية بما يشبه عدم الاكتراث، أمام شعارات تركها المعارضون على الجدران منها "الأسد خائن" و"حمص حرة" و"عاشت سورية حرة بدون الأسد".
وعلى جدران أخرى، يبرز التناقض بين شعارات قديمة تحيي "القائد الخالد" حافظ الأسد الذي حكم البلاد قرابة 30 عاما وإلى جانبها شعارات معارضة مثل "يسقط نظام الأسد".
وترصد الشعارات بدء تعرض أحياء الحميدية وجب الجندلي وباب الدريب وبستان الديوان والصفصافة، للقصف من القوات النظامية وسقوط الضحايا.
#3#
وكتبت على الجدران شعارات مثل "الحرية لا تكتمل إلا بدماء الشهداء"، بينما أمكن قراءة "الشهادة أو النصر" في أقبية وضعت فيها فرش للنوم، كان المقاتلون والمدنيون يستخدمونها كملاجئ من القصف.
وبدت لهجة التحدي للقوات النظامية والمسلحين الموالين لها واضحة في العديد من الشعارات التي كتبها المقاتلون، ومنها "ستدهشون"، و"تجهزوا للمفاجآت". كما يمكن قراءة شعار "مواعيدنا في حاراتكم يا شبيحة"، في إشارة إلى المسلحين الموالين للنظام الذين يتهمهم الناشطون بممارسات مسيئة تشمل السرقة والاعتقال والتعذيب.
ومع اشتداد حصار القوات النظامية لأحياء المعارضة الذي جعل القاطنين يقتاتون من الأعشاب والفتات، اتخذت الشعارات منحى يعكس المعاناة، مثل "الشعب جوعان (جائع)".
وفي الأيام الأخيرة للحصار وقبل خروج المقاتلين، بدت الشعارات كأنها تسعى إلى تبرير قبول المقاتلين بترك الأحياء التي قتل فيها نحو 2200 شخص بسبب القصف والمعارك خلال مدة الحصار. ويقول أحدها "منشان الاكل ساوينا تسوية (كرمى للطعام انجزنا تسوية)".
وفي فناء مسجد الكامل الذي تبدو آثار المعارك جلية عليه، دفنت ما بين 50 و60 جثة لمقاتلين معارضين. ويمكن رؤية اليد المتحللة لأحدهم خارج التراب، وسط رائحة مثيرة للغثيان. ووضع على المدفن شاهد قبر بسيط، كتب فيه اسم المقاتل "المنشق"، وتاريخ 29 نيسان (أبريل) 2014. ويشار إلى هذا الفناء حيث الجثث المدفونة باسم "مقبرة الأبطال الشهداء".
وآثر بعض المقاتلين عدم ترك الأحياء التي دافعوا عنها بشراسة خلال أكثر من عامين من المعارك والحصار، إلا وقد دونوا عزمهم على العودة، وكتب أحدهم "سنتان ولم تخلوا (تهجروا) حمص .. عائدون".