رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


التخطيط المتكامل للطاقة والمياه من أجل مستقبل مستدام

مع توقع وصول عدد سكان العالم إلى 9.6 مليار نسمة بحلول عام 2050، ونحو 70 في المائة من هذا العدد من المرجح أن يعيشوا في المدن، الطلب العالمي على الطاقة سيتضاعف خلال الفترة نفسها. هذا النمو سيشكل تحديات على جبهات عديدة، لكن عددا قليلا فقط من هذه التحديات ستكون أكثر إلحاحا من تلك التي تنطوي على المياه. بحلول عام 2030، ما يقرب من نصف سكان العالم من المتوقع أن يعيشوا في مناطق تعاني "وطأة المياه" Water Stress، حيث إن تصاعد عمليات سحب المياه، التي بعضها لإنتاج الطاقة، سيعمق نقص المياه القائم بالفعل. نقص المياه بدوره سيشكل تحديا لتوفير ولتوليد الطاقة.
تتزامن هذه الاتجاهات مع تحديات أخرى في حاجة إلى معالجة أيضا، حيث إن هناك نحو 800 مليون شخص لا يحصلون على مياه محسنة، 2.5 مليار من دون مرافق صرف صحي أساسية، 1.3 مليار من دون كهرباء، وضعف هذا العدد، أي ما يقرب من 2.7 مليار شخص على الأرض، يستخدمون الخشب والفحم أو مخلفات الحيوانات لطهي الطعام وتدفئة المنازل.
إن قطاع الطاقة الذي يستخدم كميات كبيرة من المياه عامل رئيس وحاسم في هذا الجانب. توافر المياه ونوعيتها أصبح أقل موثوقية، ما يؤثر سلبا في إنتاج الطاقة في جميع أنحاء العالم.
إن ندرة المياه يمكن أن تهدد الجدوى طويلة الأجل لمشاريع الطاقة وتعوق التنمية. نقص المياه قد أغلق مؤقتا أو خفض إنتاج الطاقة في محطات توليد الكهرباء في العديد من البلدان، بما فيها الولايات المتحدة، سريلانكا، الصين والبرازيل. في الولايات المتحدة، واجهت العديد من الشركات التي تقوم باستخراج الغاز الطبيعي والنفط باستخدام تقنية التكسير الهيدروليكي ارتفاع تكاليف المياه، أو حرموا من تصاريح استخدام المياه خلال فترات الجفاف.
الطلب على المياه من قبل قطاع الطاقة سينمو في جميع أنحاء العالم، وكذلك في القطاعات الأخرى. على سبيل المثال، ارتفاع الإنتاج الزراعي بنسبة 50 في المائة سيتسبب في زيادة السحب من الموارد المائية المجهدة بالفعل بنسبة 15 في المائة. لذلك، يجب أن التأكد من أن مشاريع تطوير قطاع الطاقة وخطط التوسع تأخذ في الاعتبار الاحتياجات المائية من القطاعات المنافسة مثل الزراعة، المناطق الحضرية، الصناعة والبيئة.
حتى عندما تكون إمدادات المياه وفيرة، ترشيد استهلاك المياه هو عمل مطلوب وسط ندرة المياه، الترشيد يعتبر فرضا. شركات الطاقة ومرافق التوليد تواجه تحديا في جعل ممارساتهم وعملياتهم في مجال استخدام المياه تعكس تكاليف توفير المياه إلى مواقع العمل، وكذلك معالجة المياه الصناعية. الاستخدام الكفء للمياه في قطاع الطاقة هو هدف مهم وحيوي، والاستراتيجيات لتحقيق هذا الهدف تختلف تبعا للعمليات والتقنيات المستخدمة. صناعة النفط والغاز كانت دائما سباقة ورائدة في هذا المجال ولم تغفل قضايا المياه. من المجالات البارزة للتقدم التقني والاقتصادي في هذا المجال استخدام مياه البحر في العمليات الإنتاجية، رفع كفاءة معالجة المياه وخفض استخدام المياه في إنتاج النفط والغاز من الموارد غير التقليدية. النتائج كانت حتى الآن مثيرة للإعجاب ومن المتوقع استمرارها في المستقبل.
تحديد المفاضلات Trade-offs بين المياه والطاقة هي مسألة معقدة. تطوير مصادر الطاقة يحتاج إلى كميات متفاوتة من المياه، هذا يتوقف على نوع موارد الطاقة المطلوب تطويرها. تحديد الاستخدامات المائية المعينة من قبل قطاع الطاقة أيضا أمر صعب، وليس جميع استخدامات المياه هي نفسها. عادة ما يتم تقسيم استخدامات المياه في قطاع الطاقة إلى ثلاث فئات: سحب المياه، استهلاك المياه وتصريف المياه. سحب المياه هو كمية المياه المأخوذة من مصدر المياه، مثل النهر، المحيط/البحر أو طبقة المياه الجوفية. الاستهلاك هو حجم المياه المفقودة من مجموع المياه المسحوبة. تصريف المياه هو كمية المياه التي تعود إلى مصدر المياه، قد تكون في دولة أخرى.
على الرغم من أن مشاريع الطاقة الاستخراجية والتطورية قد لا تسحب كميات كبيرة من المياه على مستوى الدولة المنتجة، لكن من الممكن أن يكون لها تأثير كبير في إمدادات ونوعية المياه بالقرب من مواقع الحقول والمناجم. تصريف المياه من محطات توليد الطاقة الكهربائية ومن تطوير مشاريع الطاقة الاستخراجية يمكن أيضا أن يؤثر في نوعية المياه إذا لم تنظم العملية بالشكل الصحيح. الفروقات الشاسعة في الطلب على المياه في قطاع الطاقة تفرض تحديا مهما عند تحليل وقياس القيود المحتملة على المياه.
شركات الطاقة تعترف بمدى تحديات المياه والطاقة التي تواجهها وصعوبة تحقيق التوازن بين هذه المفاضلات. في عام 2013، وجدت دراسة استقصائية أن 82 في المائة من شركات الطاقة و73 في المائة من شركات مرافق توليد الطاقة التي استجابة للاستبيان رأوا أن المياه تشكل مخاطر جوهرية على عملياتهم. علاوة على ذلك، أفادت 59 في المائة من شركات الطاقة و67 في المائة من شركات مرافق توليد الطاقة بأنها شهدت مشاكل متصلة بالمياه خلال السنوات الخمس السابقة. هذه النتائج تؤكد أهمية الجمع بين عمليات التخطيط والإنتاج للطاقة والمياه. ويتعين على مخططي الطاقة في البلدان النامية أخذ قيود المياه ومخاطر الظروف الجوية المتطرفة في الاعتبار، في حين يتعين على مخططي المياه أخذ الطلب على الطاقة واحتياجات المياه من محطات توليد الطاقة في الاعتبار.
لمعالجة تحديات المنافسة بين الطاقة - والمياه، أطلق البنك الدولى مبادرة جديدة بعنوان "الطاقة العطشى" تستهدف مساعدة البلدان، خصوصا النامية منها، على مواجهة التحديات المتعلقة بالمياه والطاقة وتلبية الطلب المتزايد على هذه الموارد مع ارتفاع عدد السكان وزيادة استخدامات الطاقة. في هذا الجانب توقع البنك الدولى أن تزداد مشكلة الطاقة مع ندرة المياه فى السنوات المقبلة، موضحا أنه فى عام 2035 مع زيادة استهلاك العالم من الطاقة بنسبة 35 في المائة سيزيد استهلاك المياة بنسبة 85 في المائة وفقا لتقارير وكالة الطاقة الدولية. ومبادرة الطاقة العطشى مبادرة عالمية تستهدف مساعدة الحكومات على الاستعداد للمستقبل عن طريق تحديد أوجه التضافر والتحديد الكمي للمفاضلات بين خطط تنمية الطاقة واستخدامات المياه، وتجربة التخطيط عبر القطاعات لضمان استدامة استثمارات الطاقة والمياه.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي