رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


ما .. «راحوا الطيبين»

كثيرا ما نسمع عبارة "راحوا الطيبين" التي ترمز لجيل مضى كانوا يتصفون بالطيبة والبراءة والمشاعر الصادقة وحب العطاء والبذل، الحياة لم تتوقف يوما على رحيل أحد ولم ينضب ينبوع دفقها عن الجريان وري زهور الأمل التي تتمايل على جنبات طريقها.
"ما راحوا الطيبين" فحبيبنا ــ عليه الصلاة والسلام ــ بشرنا بقوله "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك".
ومثل عبارة "راحوا الطيبين" وغيرها من الأمثال والأقوال السلبية تثير الإحباط والتشاؤم في مجتمعنا، وكأنه لم يتبق بالمجتمع غير الأشرار وأهل الأهواء والمصالح.
ــ زميلتي "هند" وصتها والدتها وهي تحتضر على أخيها الصغير "حمد" الذي يعاني متلازمة داون وطيف توحد، فنذرت نفسها لتربيته بجانب ابنها الوحيد "فيصل"، لم تندب حظها ولم تنتظر مساعدة من أحد، ولم تتذمر وهي تكافح وحيدة بين تربية طفلين ومتطلبات وظيفة وخذلان مجتمع، واليوم هي "جدة" صغيرة تستمتع بمشاعرها المتدفقة على حفيدتها الجميلة، ووجود ابنها البار وزوجته الرائعة وتميز شقيقها "حمد" إعلاميا واستضافته في كثير من البرامج التلفزيونية كنموذج رائع لمن يعانون متلازمة داون.
ــ حين تناولنا العشاء برفقة ضيوف في أحد المطاعم اكتشف زوجي أن آلة السحب "عطلانة" فقال للمحاسب، سأذهب لأصرف نقودا فهل تريد ضمانا؟ رد بلهجته الشامية "ولو يا أستاذ الثقة موجودة، لو خليت خربت أتوكل على الله".
ــ في إحدى الحدائق وبعد المغرب تحديدا قالت لي زميلتي التي خرجت برفقتها مع أبنائنا، انتظري وسترين مشهدا عجيبا، بعد دقائق فوجئنا بركض عشرات القطط لا أدري من أين خرجت، واتجاهها نحو مكان معين، حيث كانت امرأة تمسك "جيك حليب" وتسكب منه في صحون بلاستيكية وتقدمه للقطط الضالة، وزوجها يفتت شيئا ما من كيس يحمله في صحون أخرى، همست زميلتي كل يوم يتكرر المشهد نفسه بعد المغرب.
هند، والمحاسب، والمرأة وزوجها، وكثيرون حولنا لا نعرفهم، كل يوم تصلنا منهم رسائل إيجابية بأن الدنيا لا تزال بخير وحب وجمال وعطاء بلا انتظار.
"الطيبين ما راحوا" .. فهم بيننا لكننا أحيانا نركز على الأشرار، فلا نراهم!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي