رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


تحديد فرق رسائل الماجستير عن الدكتوراه

هناك تباين في تحديد أهم الفروق بين رسائل الماجستير ورسائل الدكتوراه. فطبيعة الدراسة وهدفها ومجالها وطبيعة الرسالة وفحواها، سواء كانت تكميلية أم رئيسية،عوامل مؤثرة في تحديد الفروق بين رسائل الدكتوراه ورسائل الماجستير. لا شك أن الجامعات ومناهجها وخططها التعليمية تؤثر بصورة أو بأخرى في تحديد الفروقات والتوقعات المختلفة بين مرحلة الماجستير ومرحلة الدكتوراه. كما أن السياسات التعليمية تختلف بين الدول، ما يؤثر في تكامل المراحل التعليمية ومتطلبات كل مرحلة دراسية. هذه العوامل وغيرها تؤثر في اختلاف متطلبات دراسة الماجستير ومتطلبات دراسة الدكتوراه، ما يؤثر في النظرة للرسائل العلمية على مستوى الماجستير والدكتوراه. فالحديث عن الرسائل العلمية بمعزل عن المتطلبات العلمية لكل مرحلة قد لا يكون منطقيا. لكن السؤال المحوري في كيفية تقييم رسائل الماجستير ورسائل الدكتوراة؟ وما أهم الاختلافات بينهما؟ البعض يعتقد أن حجم عينة الدراسة وكثرة عينة الدراسة من أهم ما يميز رسالة الدكتوراه عن رسالة الماجستير. هذا الاعتقاد الخاطئ لعلي في هذا المقال أتمكن من توضيح جزء من جوانبه.
فمن المؤسف أن بعض الجامعات في الدول النامية من يربط الاختلاف بين متوقعات رسائل الماجستير والدكتوراه بناء على اختلاف حجم الرسالة وعدد الصفحات. بمعنى أن وزن الرسالة وحجمها يحددان ما إذا كانت الرسالة العلمية دكتوراه أم ماجستير. فكلما زاد عدد الصفحات أصبحت الرسالة ذات قيمة علمية أكبر بغض النظر عن محتوى الرسالة وتأثير نتائجها في العلوم سواء الطبيعية أم الإنسانية. أما بالنسبة للجامعات الغربية، فرسائل الدكتوراه تهتم بمدى تحقيق إضافة علمية للعلم ومدى انعكاس الرسالة على المستوى الإنساني وليس بالضرورة بانعكاسها على بلد بعينه. فمن أهم معايير تقييم رسائل الدكتوراه مقدار الإضافة العلمية التي أسهم فيها الباحث. هذه الإضافة يجب أن تكون مهمة وتعزز البحث العلمي في المجال الذي يتطرق إليه الباحث في رسالته. لذا فهناك رسائل دكتوراه لم تتجاوز المائة صفحة تم إقرارها على أنها رسالة دكتوراه، نظرا للإضافة العلمية التي أسهمت بها هذه الرسالة وقيمتها المرجعية مستقبلا. بينما قد تجد أن بعض رسائل الدكتوراه تمت إعادتها للبحث العلمي من جديد على الرغم من أن حجم الرسالة يتجاوز آلاف الصفحات بسبب أن الرسالة مجرد تجميع ونقولات من علماء دون أن تحقق الرسالة الإضافة العلمية المطلوبة. فالنقل من كلام العلماء وعدم محورية الرسالة وتكامل أبوابها وفصولها يضعف قيمة الرسالة وقد يؤدي في كثير من الحالات إلى رفضها وإن كان عدد صفحاتها يتجاوز آلاف الصفحات.
الخطأ الثاني الذي قد يعتقده البعض عن أهم ما يميز رسالة الدكتوراه عن رسالة الماجستير أن عينة الدراسة في رسالة الدكتوراه أكبر من عينة الدراسة في رسالة الماجستير. هذا الاعتقاد خاطئ لأن الأهم في عينة الدراسة أن تكون العينة ممثلة لمن تشملهم الدراسة. فالعينة أو الشريحة الممثلة عامل مهم للتأكد من تمثلها لكن هذا العامل على الرغم من أهميته لا يرتقي لأن يكون فرقا جوهريا بين رسائل الماجستير ورسائل الدكتوراه. لا شك أن جمع عشرة آلاف عينة يزيد من ثقتنا بمدى تمثل العينة للشريحة المستهدفة ويرفع من مصداقية الرسالة، خصوصا رسائل الدكتوراه، لكن هذا الأمر لا يعني بالضرورة أن زيادة عينة الدراسة يعطي اختلافا جوهريا بين رسائل الدكتوراه عن رسائل الماجستير.
سؤال يجب أن يجيب عنه كل دارس في المملكة المتحدة خصوصا في الدراسات الاجتماعية والإنسانية: لو قرأ رسالة الدكتوراه شخص من مدينة ما في أمريكا الجنوبية كفنزويلا مثلا هل ستشكل له رسالتك إضافة علمية مهمة؟ أم أن رسالة الدكتوراه مجرد دراسة استشارية يستفيد منها صانع القرار السياسي في بلد ما فقط؟
فإذا كانت ستشكل له إضافة علمية مهمة، فإنك ستكون قادرا على الدفاع عنها عند امتحان الرسالة ومناقشتها. وهو ما سأتحدث عنه في الأسبوع القادم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي