رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


القضاء .. التريث فريضة بلاغ العدل

لم أشعر بالرضا مطلقا عن تقدير زمن ضيق لنظر القاضي في الدعاوى الماثلة أمامه "شهرين" مع هذا الواقع البالغ التعقيد، وأمام صور جديدة تتكاثر في أكل أموال الناس بالباطل وحماية المحتالين أنفسهم من خلال الأطر القانونية للنصب والاحتيال. ومع عدم تصنيف القضايا التي من الممكن أن ينتهي فيها القاضي إلى اليقين، والرأي ورفع الترافع أمامه. في هذه المدة التي لا تتجاوز الجلستين غالبا. الثابت أن البصر يحتاج إلى التباعد عن الغشاوة وأسبابها، وأن المزالق في القضاء كفعل الرياء أحيانا، نملة سوداء على صخرة صماء في ليلة ظلماء.
اللبس كما هو التلبس، والكذب والتصنع يقترب من الواقع، والزيف كأنه وجه آخر للحقيقة، والتمرس في الكذب كأنه يفيض على صاحبه صدقا جازما. إن الثابت واليقين في صيرورة لا تنتهي ولا تتوقف.. في عدة الإثبات والنفي، فلم يعد مجديا الإعماد المرسل على تلك الوسائل التي تستند إلى الضمائر أمثال اليمين في زمن المسوخ البشرية التي ختم الله على قلوبهم كل حس وحاسة في باطنهم. إنها ستتحول إلى طريقة من الطرق السهلة لضياع كثير من الحقوق، ووقوع الكثير من المظالم. وهذا ما يقتضي التريث العميق الذي يقوّم من خلاله القاضي الخصوم إلى التمحيص اليقظ البصير بما لم يقل عن الواقع.
إن إنسان كل زمان يماثله، وهو صورة عنه، وحين يقرأ القاضي، ما يخرج من خوض الناس بعضهم في بعض، وشراسة العض على الخسيس، واللهفة على اليمين الغموس، وعداوة ذوي الأرحام لنيل السقط من المال والمتاع تفرض التريث أكثر.
ومع تنوع الخصومات، والعض على طلب الباطل، ينتهي القاضي بعقله وضميره إلى الصورة الكلية التي تتكون منها شخصية هذا المجموع، وهذا الكلي، الذي أنتج هذا الإنسان الماثل بين يديه والقائم بالخصومة أمامه، بخيره أحيانا، وبكذبه ونفاقه، والتصنع المتقن الذي يشبه اليقين أحيانا أخرى.
ينبغي ألا نغفل أن هذا زمن يسقط فيه اليقين بكل شيء كل يوم، الصدق والطهر والأمانة، ويزول منه الحس بالثبات كل يوم، ويرتفع عنه كل يوم حس الطمأنينة تجاه الرجال والمواقف والقلوب.
الرغائب في الخصوم ضروس في نفوسهم، والهوى جموح، وحب المال أعمى البصائر، والقاضي أمامه هذا كله، ليس بيده علم الغيب، ولا يتنزل على قلبه وحي يوحى، ولا يكشف الله عنه الغطاء فيبصر الحق ويتبعه، ويبصر الباطل ويتباعد في حكمه عنه.
وهو مع هذا الواقع البالغ التعقيد، والمتعدد التركيب، يتوقف القاضي عند ثقل المسؤولية الشرعية العظيمة في نصرة المظلوم وإقامة العدل إلا أن المدة قصيرة.. ومستعجلة.. وتنكر عليه حقه في التريث المتعمد الذي يكون فيه يقينه ويقبض على مقدماته الصحيحة.
المدة غير كافية ارفعوها.. ربما العدل يتطلب رفعها..!!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي