تعديلات نظام المنافسة تضمن التنافس العادل بين الشركات

تعديلات نظام المنافسة تضمن التنافس العادل بين الشركات

قال اقتصاديون وقانونيون، إن التعديلات التي أقرها أخيرا مجلس الوزراء في نظام المنافسة، تحقق التنافس العادل بين الشركات العاملة في السعودية، لكن بعضهم تحفظ على تعديل الفقرة الثانية من المادة (15)، لتعارضها مع نص الفقرة الأولى من المادة نفسها، التي لم يتم تعديلها، وهو ما يستوجب تعديل الفقرة الأولى لضمان عدم التعارض في التطبيق.
وانتقد المتحدثون تقليص مدة الاعتراض على القرارات الصادرة عن اللجنة المُشكلة من المجلس، المحددة بـ 15 يوما بدلاً من 30 يوما كما هو معمول به في غالبية أنظمة الترافع لدى المحاكم السعودية.
وقال عسير القرني، المحامي والمستشار القانوني، إن التعديلات تأتي تلبية للتطورات الاقتصادية المتسارعة ولتحقيق المنافسة العادلة، مشيراً إلى أن التعديل الوارد على نص المادة الثانية عشرة، أقرب للعدالة، إذ لا يعتمد على التقدير الجزائي للغرامة المالية وإنما يعتمد على نسبة مئوية من إجمالي المبيعات التي حصلت عليها المنشأة المخالفة لأحكام نظام المنافسة.
وأضاف أن إضافة عقوبة إيقاف النشاط أو إلغاء الترخيص، التي لم يتضمنها النص القديم، تعد عقوبة رادعة ومحققة للغرض الرئيس من صدور النظام، وهو توفير المناخ الاقتصادي العادل.
وذكر القرني أن التعديلات على نص المادة الخامسة عشرة، في الفقرة الثانية يتناقض مع نص الفقرة الأولى من المادة ذاتها التي لم يطلها التعديل، حيث تحصر صلاحية اللجنة المشكلة من مجلس حماية المنافسة في إيقاع الغرامة فقط دون إيقاف النشاط، وهو الأمر الذي يستوجب تعديل الفقرة الأولى بحيث يتضمن النص تخويل اللجنة إيقاع عقوبة الإيقاف المؤقت للنشاط، أو تعديل نص الفقرة الثانية بحيث يتم إلغاء نص عقوبة الإيقاف المؤقت للنشاط، على أن تعديل النص الجديد أقرب للعدالة، باعتبار أن قرارات اللجنة لا تعد نهائية وخاضعة للاعتراض أمام المحكمة الإدارية.
ونوه بأن التعديل الذي طرأ على نص الفقرة الثالثة حول ميعاد الاعتراض على قرارات اللجنة المشكلة من مجلس حماية المنافسة، ليصبح 15 يوماً من تاريخ الإبلاغ بالمخالفة عوضاً عن 60 يوماً، وهو تعديل وإن كان يحقق المصلحة العامة، إلا أنه قد يلحق الضرر بالمنشأة التي قد تكون بحاجة إلى الوقت الكافي لإعداد الاعتراض على قرار اللجنة، في ظل صعوبة وتعقيد القضايا الناشئة عن تطبيق نظام المنافسة.
وعن التعديل الوارد على الفقرة الرابعة من المادة الخامسة عشرة، أوضح القرني أن المنظم قد أحسن صنعاً بتعديل النص، ليتم إحالة المخالف لنص المادة الثالثة عشرة من نظام المنافسة إلى المحكمة المختصة وليس إلى ديوان المظالم، لكون إيقاع العقوبة قد يكون من اختصاص محكمة أخرى غير ديوان المظالم.
ويوافقه الرأي الدكتور أحمد الغامدي، المحامي المتخصص في القضايا التجارية الدولية، حيث قال: إن معظم إجراءات الترافع لدى المحاكم الدولية والمحلية تنص على أن تكون مدة الاعتراض أو الاستئناف على الأحكام الصادرة خلال مدة تراوح بين 30 يوماً و60 يوماً، وليس 15 يوما كما أُقر تعديله في الفقرة الثالثة من المادة الخامسة عشرة من نظام المنافسة، مشيراً إلى أن القضايا التجارية تحتاج وقتاً للكتابة والإعداد، وهو ما قد لا يتوافر بعد تقليص مدة الاستئناف.
وأشار الغامدي أيضاً إلى وجود تناقض بين الفقرتين الأولى والثانية من المادة الخامسة عشرة، فيما يتعلق بدور اللجنة المشكلة من مجلس حماية المنافسة في إيقاع الغرامة وإيقاف النشاط، مما يستدعي تغيير إحدى الفقرتين ليكون للجنة المُشكلة دور في إيقاع عقوبة الإيقاف المؤقت للنشاط.
من جانبه، قال الدكتور عادل السقا، المستشار القانوني، إن التعديلات التي أقرها مجلس الوزراء فيما يخص قوانين مجلس حماية المنافسة هو مطلب دولي، لما له من مردود عالمي من حيث اﻻنفتاح للمنافسين وتوفير بيئة تنافسية عادلة تحكمها اأنظمة واللوائح، وضمان توفير السلع والخدمات في جميع الأسواق، إلى جانب حماية المنافسة العادلة وتشجيعها، ومكافحة الممارسات اﻻحتكارية الخاطئة التي تؤثر في المنافسة المشروعة.
وأضاف أن الصلاحية المنوطة بمجلس المنافسة بالشخصية اﻻعتبارية وباﻻستقلال المالي والإداري ستحقق الكفاءة العالية لإعداد الخطط والبرامج واأنظمة وتفعيلها لتكون واضحة، لمعالجة التطور والتصدى لكل المخالفات لنظام المنافسة.
واتساقاً مع ما قاله القانونيون اعترض الدكتور واصف كابلي، أحد مستوردي المواد الغذائية والاستهلاكية، على التعديل الخاص بتقليص المدة الزمنية المخصصة للاعتراض، مشيراً إلى أن المدة تعد قصيرة ولا تتماشى مع طبيعة أعمال التجار، الذين قد يكونون مشغولين في مهام أخرى أو مسافرين في مهامهم وأعمالهم، مطالباً مجلس المنافسة بأن يفعل دوره في مراقبة الشركات وحماية العلامات والوكالات التجارية.
من جانبه، أوضح الدكتور محمد بن عبد الله القاسم، أمين عام مجلس المنافسة، أن التعديلات الأخيرة تعد جوهرية ومهمة، حيث أثبتت دراسة التجارب العالمية أنه في معظم هيئات المنافسة الدولية هناك جدوى من جعل السقف الأعلى للغرامة مرتبطا بحجم المنشأة، وأن تكون قيمة الغرامة مرتبطة بإجمالي المبيعات، حيث إن الغرامة السابقة لم تكن رادعة، لضعف تأثيرها المادي والمعنوي مقارنة بالفوائد المتحصلة من المخالفة، وبالذات للمنشآت الكبيرة.
ودافع عن التعديلات بالقول "امتاز التعديل الجديد بعدم الاكتفاء بالغرامة المالية، ولكنه يلزم الجهات المخالفة برد جميع المكاسب المكتسبة نتيجة للمخالفة، كما يعطي لجنة الفصل في مخالفات نظام المنافسة الصلاحية لإيقاف نشاط المنشأة مؤقتاً أو إلغاء الترخيص نهائياً في حالة العود والاستمرار في المخالفة، وهذه التعديلات سينعكس أثرها الإيجابي على السوق".
أما فيما يتعلق بتنفيذ القرار والاعتراض عليه، قال القاسم إن التعديل الجديد يلزم المخالف بتنفيذ قرار اللجنة فوراً، مع إمكانية الاعتراض على قرارات اللجنة أمام المحكمة الإدارية، كما تم اختصار مهلة التظلم من 60 يوماً إلى 15 يوماً من تاريخ إبلاغ المخالف بالقرار. ومن مميزات التعديلات الجديدة أنه في حالة إلغاء قرار اللجنة، يلزم المحكمة الإدارية النظر في المخالفة وإيقاع العقوبة المناسبة بدلاً من إلغاء القرار بشكل كامل.
وبين الدكتور القاسم، أن جملة التعديلات الجديدة تعطي دلالة واضحة على حرص الجهات العليا على لفت نظر مجتمع الأعمال إلى حساسية قضايا المنافسة، لتأثيرها الكبير في الاقتصاد الوطني، وما زيادة الغرامات إلا تحذير للبعد الكلي عن الشبهات والمخالفات المتعلقة بالمنافسة، كما أن نفاذ قرارات اللجنة المتعلقة بإيقاع الغرامة أو إيقاف النشاط، رادع للجهات المخالفة والحرص على البعد عن هذا النوع من المخالفات، وكذلك مسارعة المخالفين في إجراءات التظلم بأسرع وقت.
وأكد القاسم أن مجلس المنافسة يسعى من خلال التعديلات إلى تفعيل دوره ووجوده بشكل أكبر لضمان تطبيق قواعد المنافسة العادلة، وتحسين البيئة في كافة الأنشطة الاقتصادية، لتتمكن المنشآت من الالتزام طوعاً بهذا النظام والتنافس بحرية والسعي لإيجاد بيئة استثمارية جذابة تتمتع بالوضوح والعدالة، داعين كافة المهتمين إلى زيارة موقع حماية المنافسة الإلكتروني لمزيد من المعلومات عن المجلس.

الأكثر قراءة