الاسترليني ينتعش في مواجهة اليورو مدعوماً بتدني معدلات البطالة

الاسترليني ينتعش في مواجهة اليورو
 مدعوماً بتدني معدلات البطالة

عبرت أسواق العملات الدولية عن ترحيبها بانخفاض معدلات البطالة في بريطانيا، بطريقة مباشرة وواضحة، فقد ارتفعت قيمة الجنية الاسترليني في مقابل اليورو لأعلى مستوى خلال عام.
وفي الواقع فإن الاسترليني لم يرتفع في مواجهة اليورو فحسب، وإنما ارتفع في مواجهة 16 عملة رئيسة في العالم، لكن ارتفاعه في مواجهة اليورو بدا مميزا.
وأشار مكتب الإحصاءات الوطنية إلى أن معدل البطالة في المملكة المتحدة انخفض خلال الفترة من أيلول(سبتمبر) إلى تشرين الثاني (نوفمبر) من العام الماضي إلى 7.1 في المائة، وهو أدنى مستوى للبطالة خلال خمس سنوات تقريبا، مما جعله يقترب من المعدل الذي حدده بنك إنجلترا (البنك المركزي البريطاني) لرفع معدلات الفائدة الراهنة والتي تعد الأدنى في تاريخ البنك. ويعلق روجر إدوارد رئيس وحدة الصرف الأجنبي في الشركة الدولية للاستثمار لـ "الاقتصادية"، بأن الأداء الجيد للاقتصاد البريطاني في الآونة الأخيرة جعل الاسترليني العملة الأكثر جاذبية بين عملات الـ G-4 التي تضم الدولار واليورو والين.
وأضاف إدوارد، أنه يصعب القول حاليا إذا ما كان هذا الاتجاه التصاعدي للاسترليني في مواجهة العملات الأخرى سيتواصل أم لا، فالأمر لا يتوقف فقط على أداء الاقتصاد البريطاني، بل أيضا على أداء الاقتصاد الأوروبي، وما إذا كانت واشنطن ستواصل العمل بسياسة التيسير الكمي أم لا، وماهية الخطوات التي ستتخذها اليابان لتحسين وضع الين.
ويعتقد الخبير الاقتصادي جون جوينر أن ارتفاع الاسترليني هو اتجاه عام في الاقتصاد البريطاني ويشير لـ "الاقتصادية"، إلى أن قيمة الاسترليني ارتفعت خلال العام الماضي بنحو 9.7 في المائة، وهو أفضل أداء بين البلدان العشر الأكثر تقدما في العالم، بينما لم تزد نسبة الزيادة في اليورو والدولار عن 6.3 في المائة، و4.3 في المائة على التوالي.
ويعلل جوينر ذلك بأن منطقة اليورو تضم 18 دولة، تتفاوت فيها درجة النمو الاقتصادي، فمن الانتعاش الاقتصادي في ألمانيا إلى الركود في فرنسا وصولاً إلى إفلاس اليونان، ومن ثم فإن العوامل السلبية لبلدان اليورو أكثر حدة مقارنة بالاقتصاد البريطاني، أما بالنسبة للدولار فإن الأزمة الاقتصادية خيمت بانعكاسات أشد على الولايات المتحدة من بريطانيا، ولذلك برز الاسترليني دائما في وضع أفضل من اليورو والدولار.
لكن ارتفاع قيمة الاسترليني لم يمثل أنباء طيبة لبعض القطاعات الاقتصادية وخاصة العاملة في مجال التصدير، إذ يمكن أن يضعف ذلك من القدرة التصديرية للاقتصاد البريطاني ومن ثم يترك بصمات سلبية على ميزان الحساب الجاري والذي يعد حاليا في أسوأ أوضاعه منذ عام 1989، وذلك كنسبة من الناتج المحلي الاجمالي، كما أن ارتفاع قيمة الاسترليني فجر موجة للتخلص من سندات الخزانة البريطانية ذات السنوات العشر.
وحول التداعيات المحتملة للارتفاع الراهن للاسترليني على مجمل الاقتصاد البريطاني، تؤكد الدكتورة مادلين بينتينج الاستشارية في المجموعة الوطنية للأبحاث لـ "الاقتصادية"، أنه بالنسبة للأفراد يوجد دائما أكثر من وعائي ادخاري يتنافس على مدخراتهم، فأنت تقارن مثلا بين تحويل مدخراتك إلى الاسترليني أو الذهب أو بين شراء أرض أو سندات الخزانة.
وأضافت أن الفترة الاخيرة شهدت إقبالاً من المواطنين على سندات الخزانة البريطانية ذات السنوات العشر مقارنة بالاحتفاظ بالجنيه الاسترليني لأن معدل العائد في سندات الخزانة كان أعلى، والآن الوضع اختلف فمن الأفضل الاحتفاظ بالعملة البريطانية، وربما يزيد هذا من نسبة العجز المالي لدى الحكومة، ويصبح عامل ضغط على جهود الإصلاح الاقتصادي.
ويعرب بعض الاقتصاديين عن خشيتهم من أن يؤدي الارتفاع المتواصل للعملة البريطانية في مواجهة اليورو والدولار والين إلى تراجع الصادرات البريطانية، وتزامن ذلك مع زيادة العجز الحكومي وهو ما يمكن أن يقوض برنامج الإصلاح الاقتصادي الراهن. وتعهد محافظ بنك إنجلترا لمجلس العموم البريطاني باتباع سياسة مالية محافظة تضمن مواصلة الجهود الحالية للخروج من الأزمة الاقتصادية، وهو ما فسره البعض بتدخل البنك لكبح جماح الاسترليني إذا ما واصل نموه بطريقة تترك تداعيات سلبية على الاقتصاد الوطني.

الأكثر قراءة