رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


إصلاحات مطلوبة من وزارة الصحة لحين الانتهاء من مشاريعها

أشرت في مقال الأسبوع الماضي إلى أن هناك دعما حقيقيا للقطاع الصحي تزايد بصورة كبيرة خلال السنوات العشر الماضية، فموازنة وزارة الصحة بلغت نحو 60 مليار ريال بزيادة نسبتها أكثر من 10 في المائة على العام الماضي. مع الأسف أن الناس لم تعد تتفاءل كثيرا بزيادة الاعتمادات المخصصة للصحة. فهناك فارق زمني طويل بين الاعتماد المالي للخدمات الصحية ورؤية أثر ذلك الاعتماد في مستوى الخدمات المقدمة. لذا على وزارة الصحة أن تبادر باتخاذل إجراءات عملية إلى حين الانتهاء من تجهيز مشاريعها الكبيرة الجاري تنفيذها. فهناك محاور عدة يمكن لوزارة الصحة القيام بها، هذه المحاور يمكن تقسيمها إلى محاور استراتيجية ومحاور تنفيذية. وسأكتفي بذكر محورين وفي كل محور سأكتفي بذكر مثالين:
المحور الأول: المحور الاستراتيجي
1. يجب على وزارة الصحة السعي لتطبيق مفهوم الصحة الشاملة الذي تحدثت عنه الوزارة في استراتيجيتها. فالمريض يعاني غياب وجود آلية عملية تحدد حركة المريض بين مراكز الرعاية الأولية والمستشفيات العامة والمستشفيات التخصصية. فالوزارة في حاجة إلى اتخاذ خطوات عملية لتفعيل دور مراكز الرعاية الصحية الأولية وتطبيق آلية تحقق تكامل الخدمة بين مراكز الرعاية الأولية والمستشفيات العامة والتخصصية. كما أن ضعف الجودة في مراكز الرعاية الأولية يتطلب جهودا حقيقية لدعم طب الأسرة والمجتمع. وسبق أن دعوت إلى أن يكون لطبيب الأسرة والمجتمع مميزات خاصة من أجل جذب الأطباء المميزين لهذا التخصص. فتفعيل دور طب الأسرة سيقلل الازدحام الشديد من طالبي الخدمات الصحية عبر الطوارئ وقوائم الانتظار الطويلة.
2. يمكن لوزارة الصحة التنسيق مع وزارة التخطيط والاقتصاد ووزارة المالية من أجل دراسة مدى إمكانية تغيير الصيغة الحالية للميزانيات line item
budget بحيث تكون إما performance budget or program budget وإما project budget . كما أن النظرة للميزانيات الصحية يتطلب إعادة النظرة لها بما يحقق الفصل بين مقدم الخدمة ودافع التكلفة العلاجية. فطريقة اعتماد الميزانيات الصحية ما زالت طريقة بدائية ولا تتناسب مع الميزانيات الضخمة المرصودة للقطاع الصحي. كما أن تغيير الصيغة المعتمدة للميزانيات سيساعد على توفير شفافية في مدخلات ومخرجات الميزانية الصحية، خصوصا مع توسع وزارة الصحة في تشغيل مستشفياتها عبر التشغيل الذاتي.
المحور الثاني: المحور التنفيذي
1. على وزارة الصحة المبادرة بعمل ورش عمل مع القطاعات الصحية المختلفة والسماع لحلولهم المطروحة نحو آلية التعامل مع الوضع الراهن من أجل تحقيق حلول تكاملية بين مقدم الرعاية الصحية (وزارة الصحة) ومتلقيها (الوزارات الحكومية). فالوزارة مطالبة بإيجاد آليات عملية يتمكن من خلالها موظفو الدولة كالمدرسين مثلا من الحصول على الرعاية الصحية بصورة مباشرة. كأن يعطى كل مدرس بطاقة تضمن له الحصول على الرعاية الصحية من قبل المستشفيات الحكومية. كما تلزم هذه البطاقة وزارة الصحة بتوفير الرعاية الصحة حتى في حال عجزها عن الالتزام بتوفيرها عبر المستشفيات الأخرى. حاليا لدى وزارة الصحة تعاون مع مستشفيات القطاع الخاص لنقل مرضاها لمستشفيات القطاع الخاص في حالة عجز مستشفيات وزارة الصحة استقبالها. فبإمكان وزارة الصحة زيادة هذا التعاون من أجل تسريع حصول المواطنين على الرعاية الصحية.
2. على وزارة الصحة البحث عن الحلول المؤقتة التي تسهم في تحسين فرص حصول المواطنين على الرعاية الصحية اللازمة عبر الاستثمار الأمثل للأسرة القائمة. فمثلا فبإمكان وزارة الصحة العمل بشكل مباشر على رفع كفاءات عمل المستشفيات ومعدل دوران السرير وإيجاد الحوافز اللازمة لتحقيق هذا الهدف. فحسب دراسة أقامها البنك الدولي عام 2006، فإن معدل إشغال الأسرّة ودورانها ضعيف جدا، ما يعطي دلالة على أن المشكلة ليست فقط في نقص أعداد الأسرّة، إنما في تحقيق الاستفادة منها بشكل كبير. مشكلات وزارة الصحة ليست محصورة في قلة أعداد الأسرّة أو نقص في أعداد مقدمي الخدمات الصحية فقط، إنما لديها مشكلة جوهرية في ضعف كفاءة الأداء. هذه الإصلاحات يمكن لوزارة الصحة تنفيذها لأنها إجراءات إصلاحية داخل منظومة الصحة ولا يمكن أن تربط بالمشاريع الإنشائية القائمة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي