هل الرياضة والسياسة تخدمان بعضهما؟
هل من علاقة بين السياسة والرياضة؟ سؤال قد يكون غريباً لكنه كثيرا ما يكون محل نقاش وحديث في المجالس، حتى إن البعض يذهب إلى القول إن المؤسسة السياسية في أي دولة في العالم تدعم الرياضة دعماً يفوق دعمها لأي قطاع آخر، ويستشهدون على ذلك بالاهتمام من قبل الساسة بحضور المناسبات الرياضية، بل إن الأنشطة الرياضية، وأهمها تحمل اسم رئيس الدولة، وذلك تأكيداً على الأهمية التي تعطى للرياضة، أما الإنفاق الحكومي على الرياضة ومنشآتها ومناسباتها فيفوق الوصف إذا ما قورن بما يصرف على مجالات أهم في نظر الناس، لأنها أكثر ملامسة لحياتهم كالصحة، والتعليم، والمياه والكهرباء، وغيرها مما يحتاج إليه الناس في حياتهم اليومية.
إذاً لماذا هذا الاهتمام بالرياضة؟ الاهتمام بالرياضة من وجهة نظر الحكومات مبعثه القيمة التي يمثلها الشباب في أي مجتمع، لأنهم عماد المجتمع وقطب الرحى فيه وأهم اللبنات التي يؤسس عليها مستقبل الأمة، لذا لا بد من إعدادهم الإعداد البدني والعقلي الذي يؤهلهم للاضطلاع بمسؤولياتهم، إلا أن من ينتقدون الاهتمام المبالغ فيه بالرياضة يرون أن الرياضة تخدم السياسة، بل إنها قد تعرف ببلد مغمور لا يعرف على الساحة الدولية من قبل، لكن بروز البلد في لعبة قد يرفع من شأن البلد، ويدر عليه دخلاً لا يتوافر له من مصادر أخرى. هذا رأي بشأن اهتمام الحكومات بالرياضة، إلا أن رأياً آخر يرى أن الاهتمام مبعثه إشغال الشباب، خاصة وهم الفئة الغالبة في المجتمع بقضايا تبعدهم عن السياسة وقضاياها، ودهاليزها، ولا سيما أن بعض الأوطان تعاني فئة الشباب فيها البطالة، وفي الرياضة يجد الشباب متنفساً لهم يقلل من المشكلات التي قد تصدر منهم.
العلاقة بين السياسة والرياضة متداخلة ومعقدة، بل إنها تصل إلى حد الاحتراب بين الدول في حال هزيمة فريق دولة من قبل فريق دولة أخرى، كما حدث بين دولتين من دول أمريكا اللاتينية حين غزت الدولة المهزومة هندوراس أراضي الدولة الفائزة السلفادور، وذلك لافتراض أن الهزيمة في الرياضة خدش في كرامة الوطن، ومس بها مما يستوجب رد الاعتبار عسكرياً.
يمكن اعتبار السياسة ملعبا رياضيا ضخما فيه متفرجون ولاعبون وحكام، وإذا كان اللاعبون ينهمكون في اللعبة ومطاردة الكرة فإن السياسيين مشغولون بالقضايا الدولية والمحلية، وهي ما يشغلهم كما هو حال الرياضيين الذين تشغلهم الكرة في حركتها، كما أنه في السياسة يوجد لاعبون أساسيون واحتياطيون تتم الاستعانة بهم وقت الحاجة، أما جمهور السياسة فهم عموم الناس والمهتمون بالسياسة، والمحللون الذين يتابعون الأخبار السياسية ويلاحقونها ويحللون الأحداث بما يقتضيه ذلك من تفاعل وقبول ورفض لبعض السياسات، وإعجاب ببعض السياسيين، أو عدم إعجاب بالبعض الآخر.
السياسيون في الساحة السياسية مثلهم مثل الحكام في ملعب كرة القدم، فهم الذين يديرون المباراة بأحداثها، لكن الإثارة التي تحدث على الساحة من فعل اللاعبين، لذا فالساسة حكام بما يفرضونه من أنظمة وقوانين، وهم مثل اللاعبين بما يفعلونه من أحداث لها من الإثارة والتشويق، أو الامتعاض والرفض وعدم القبول. حقاً إن الرياضة سياسة، والسياسة رياضة، وإن كانا في حقلين منفصلين إلا أنهما يلتقيان لما بينهما من المصالح المتبادلة.