رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


ماذا يعني أداء سوق الأسهم السعودية في عام 2013؟

بالرغم من الصورة السلبية للاستثمار في الأسهم السعودية، إلا أن متوسط العائد السنوي يعتبر كبيراً جداً، وأفضل بكثير من المؤشرات الدولية، وبالتأكيد أفضل من الاستثمار في العقار ومن الإيداع في المصارف، أو حتى الاستثمار من خلال بعض الصناديق الاستثمارية المتخصصة.

حقق مؤشر سوق الأسهم السعودية في عام 2013 ارتفاعاً بمقدار 25.5 في المائة، وذلك أعلى من متوسط العائد السنوي للأسهم السعودية على مدى 18 عاماً منذ عام 1994، البالغ نحو 13.71 في المائة، بحسب دراسة قصيرة قمت بها في وقت سابق. هذا العائد التاريخي عبارة عن عائد سنوي تراكمي بمقدار 9.71 في المائة، إضافة إلى 4 في المائة كنسبة أرباح موزعة. وبالنظر إلى نسبة المخاطرة التاريخية في سوق الأسهم السعودية على مدى 18 عاماً، البالغة نحو 42 في المائة، والتي تقاس بشكل مبسط هنا بالنظر إلى نسبة الانحراف المعياري، نجد أن العائد المتوقع لأي عام من الأعوام يتراوح ما بين موجب 56 في المائة وسالب 28 في المائة، وذلك باحتمال 68 في المائة، أي بدرجة انحراف معياري واحدة. إذاً نقول إن ارتفاع المؤشر بنسبة 25.5 في المائة للعام الماضي يعتبر طبيعيا ومن ضمن نطاق الارتفاع المتوقع.
بعد أخذ نتيجة أداء المؤشر لهذا العام، يرتفع متوسط أداء المؤشر التراكمي لسوق الأسهم السعودية إلى نحو 14.25 في المائة، وهو معدل ارتفاع كبير، مقارنة بالأسواق العالمية، التي يبلغ متوسط الأداء فيها لسنوات طويلة نحو 9.4 في المائة لمؤشر داو جونز الأمريكي، ونحو 8.5 في المائة لجميع الأسواق المتقدمة، بحسب الكتاب السنوي لمجموعة (كريديت سويس). هذا يعني أنه بالرغم من الصورة السلبية للاستثمار في الأسهم السعودية، إلا أن متوسط العائد السنوي يعتبر كبيرا جداً، وأفضل بكثير من المؤشرات الدولية، وبالتأكيد أفضل من الاستثمار في العقار ومن الإيداع في المصارف، أو حتى الاستثمار من خلال بعض الصناديق الاستثمارية المتخصصة. في الواقع، إن أداء المؤشر السنوي بهذا القدر يؤكد أن الاستثمار طويل الأجل يحقق عوائد أعلى من أي طريقة أخرى، وهذا النوع من الاستثمار يسمى الاستثمار الخامل، أي بعكس الاستثمار النشط، الذي يقوم فيه المستثمر بانتقاء الأسهم بطرق عديدة لتكوين محفظة يأمل في أن يكون أداؤها أفضل من أداء السوق ككل.
يعود مفهوم الاستثمار في السوق ككل، بدلاً من محاولة التغلب على أداء السوق من خلال انتقاء بعض الشركات، إلى نظرية كفاءة السوق، التي تسبب في شهرتها الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد لهذا العام، البروفيسور يوجين فاما، والتي يقصد بها أن أسعار الأسهم في أي وقت من الأوقات مسعرة بأفضل الأسعار الممكنة، وألا جدوى هناك من الحديث عن أسعار مرتفعة أو منخفضة، فجميع الأسهم مسعرة بسعرها العادل في أي وقت من الأوقات. هذه النظرية، بأشكالها الثلاثة المعروفة، تعني أنه من الصعب جداً على المستثمر أن يحقق بشكل مستمر مكاسب أعلى من ذلك المتحقق من الاستثمار في السوق ككل، اعتماداً على ما هو متاح من معلومات وبيانات وأخبار عن الشركات، لأن هذه المعلومات جميعاً تم عكسها في الأسعار الحالية، وأن السوق لديها المقدرة على تصحيح أي أخطاء في توقعات المتعاملين بشكل سريع. أي أنه من الصعب جداً أن تجنح الأسعار بعيداً عن الأسعار العادلة حسبما هو متوافر من معلومات وأخبار، وأن هناك آليات من شأنها تصحيح ذلك. كذلك بحسب هذه النظرية، فإن حركة الأسعار تتبع مساراً عشوائياً، ما يعني أن قيمة المؤشر في أي يوم من الأيام غير مرتبطة بقيمته لليوم السابق، فإن كان مرتفعاً أمس بنسبة 1 في المائة، فإن حركته لهذا اليوم مستقلة تماماً عن حركة أمس.
هناك بلا شك جدل كبير حول صحة ما ذكر أعلاه، وهناك من يقول إن هناك علاقة بين أسعار الأمس وأسعار اليوم، ويدلل على ذلك بسلوكيات المتداولين ونفسياتهم، حيث يُعتقد بأن الناس يندفعون خلف موجة الشراء ويتفاعلون مع ارتفاع الأمس بالشراء في اليوم التالي، ما يؤدي إلى نزوع الأسعار نحو الارتفاع، بعكس ما تزعمه فرضية المسار العشوائي للأسعار. في الواقع، إن الفائز الثاني في جائزة نوبل للاقتصاد لهذا العام (روبرت شيلر)، يخالف نظرية الفائز الآخر (يوجين فاما) ولا يؤمن بأن الأسعار تتبع مساراً عشوائياً، خصوصاً على المدى المتوسط والطويل. المشكلة التي أرهقت بروفيسور شيلر هي أنه عندما قام بدراسة حركة أسعار الأسهم الأمريكية لعدة عقود، وقارن ذلك بربحية الشركات والأرباح الموزعة، وجد أن الأسعار تجنح كثيراً عن الحقائق المالية للشركات، بينما من المفترض أن يكون هناك علاقة وطيدة بينها، حسبما تزعم فرضية كفاءة السوق، التي ينادي بها فاما، بل إن شيلر وجد أن هناك فقاعات مالية عديدة، وهي التي تحدث عندما يكون هناك تضخم في أسعار الأصول إلى درجة غير معقولة ويعقبها انفجار لهذه الفقاعات ينتج عنها خسائر كبيرة للمستثمرين، بينما نجد أن فاما لا يؤمن بالفقاعات المالية ولا يعرف ما الفقاعات، ووجهة نظره أن ما نسميها فقاعة لا نعرف أنها فقاعة إلا بعد أن تنفجر، لذا من الصعب القول بأن ما لدينا فقاعة قبل أن تكون بالفعل فقاعة.
إذاً لو سأل شخص عن الأداء المتوقع لسوق الأسهم السعودية لعام 2014، فالجواب الإحصائي هو أن الأداء سيتراوح بين ارتفاع بنسبة 56 في المائة إلى انخفاض بنسبة 26 في المائة، على فرض صحة التحليل الإحصائي الذي قمت به. هنا يجب التأكيد على أن خسارة ربع رأس المال مقابل احتمال تحقيق ربح بمقدار نصف رأس المال، يعتبر استثماراً عالي المخاطرة، ويجب على من يرضى بمثل هذه المخاطرة أن يدرك ما تعنيه، وألا يستثمر بأكبر من طاقته.
ختاماً، يعتبر أداء مؤشر السوق السعودية للعام الماضي معقولاً وغير مخالف للحسابات الاحتمالية بحسب البيانات التاريخية، وإن العائد على الاستثمار في سوق الأسهم السعودية ككل لسنوات طويلة - لا عن طريق المضاربة ولا من خلال الصناديق الاستثمارية ولا غيرها - يعتبر أفضل من الاستثمار في مجالات كثيرة، والدليل الذي أمامنا هو لغة الأرقام على مدى 19 عاماً على الأقل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي