رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


الحكومة الإلكترونية .. إعادة إنتاج التعقيد

العقول التقليدية لا تتفهم ولا تستطيع التعامل مع متطلبات الحكومة الإلكترونية، وهناك الكثير من العقبات التي توضع في الخفاء لعرقلة العمل الحكومي الإلكتروني الذي سيسهم في رفع الإنتاج واختصار الإجراءات، ويقلص شبهات الفساد واحتكار الفرص.
ومن تلك العقبات التي لم يفطن إليها القائمون على الخدمات الإلكترونية في المؤسسات الحكومية إعادة إنتاج التعليمات والإجراءات والتواقيع والأختام الطويلة التي ليس لها داع ضمن الخدمات الإلكترونية، وصدمت أخيرا بأن الحملات المكثفة لكثير من الأجهزة الحكومية لاستخدام خدماتها الإلكترونية لا تختلف كثيرا عن مراجعة الجهات الحكومية نفسها والعودة مرة أخرى لإدخال البيانات في حال أي خطأ “وراجعنا” مرة أخرى.
والواقع الإلكتروني يقول إن معظم الخدمات الإلكترونية الناجحة لا تتطلب مراجعة الجهة أصلا، وإلا ما الفائدة من كل هذه الخسائر؟
لكن بعض المتنفذين يصعب عليهم أن يفقدوا دورهم الموهوم في خدمة الناس كما يزعمون فجاءت بعض الخدمات لإعادة إنتاج أدوارهم المزعومة في أكثر من جهة.
ولو استعرضنا بعض الخدمات المقدمة أخيرا نجد أنها لم تبتعد كثيرا عن التعامل الورقي، فأنا كنت أتوقع من خدمات “الجوازات” مثلا أن أنهي كل إجراءاتي من تجديد واستخراج تأشيرات الخروج والعودة من خلال الخدمات الإلكترونية مثل ما أفعل تماما مع المصرف الذي أتعامل معه وأقوم بعمليات متعددة بكل سرية وأمان، لكنني فوجئت بأن الخدمة لم تتجاوز إدخال البيانات ثم علي أن أعود إلى قائمة الطوابير الطويلة ذاتها في الجوازات لخدمة ما يسمى “التفعيل” ثم أعود لطلب الخدمات التي أريد ثم أراجع الجوازات لمصادقتها والتوقيع عليها, وفي ظني أن هذه اللفة الطويلة لا داعي لها من الأساس، فطالما كانت معلوماتي صحيحة ومطابقة لمركز المعلومات الوطني في وزارة الداخلية فلا يحتاج إلى أن أعود إلى الجوازات، بل ممكن إنهاء كل الإجراءات وطباعة كل ما أريد من المنزل لأوفر وقتي ووقت الجوازات، حتى نكون منصفين. ما تم إنجازه في برنامج “ابشر” إلى الآن جيد، لكنه يجب أن يحقق الهدف، وهو اختصار الإجراءات وإنهاء الخدمات من المنزل.
وزارة العمل لا تختلف عن الجوازات، فالفوضى التي تعج بها مكاتبها نتيجة ضعف البنية التحتية للخدمات الإلكترونية نقلت معظمها إلى الخدمات الإلكترونية واختلط كثير من النماذج دون تبسيط أو تقنين يجعلك تحتار في التعامل معها، والأمر نفسه لا بد من العودة إلى الطوابير الطويلة لتفعيل الخدمات وكأننا نستنسخ تجربة الجوازات، وأتمنى أن تعيد وزارة العمل النظر في تعاملها مع الخدمات الإلكترونية وتكون في متناول الجميع، فلدينا آلاف الشركات والمؤسسات والأفراد الذين يتعاملون مع أنظمة الوزارة بشكل يومي.
أما وزارة التجارة، فرغم أهميتها، إلا أنها تتعامل مع متطلبات الحكومة الإلكترونية باستحياء شديد، ورغم نجاح الوزارة في تقديم مجموعة مبادرات أخيرا بقيادة وزيرها النشط الدكتور توفيق الربيعة، الذي يحمل درجة الدكتوراه في تقنية المعلومات، إلا أنها لا تزال متأخرة جدا في توسيع خدماتها الإلكترونية، بل إن الوضع أصبح أكثر سوءا مع أولى خدماتها لحجز الاسم التجاري إلكترونيا، فقد كان الأمر لا يستغرق أكثر من دقائق أمام الموظف، لكنه الآن أصبح يستغرق أياما، حيث لا يقبل الاسم التجاري غير اسم واحد وتنتظر 24 ساعة حتى تتم الموافقة، وقد يكون متكررا فتضطر إلى أن تنتظر يوما آخر وهكذا ليضيع عليك الوقت وتعود للموظف فيخبرك بأنه لا يستطيع أن يفعل شيئا لأن النظام الإلكتروني لا يستطيع أحد التحكم فيه.
هذه النماذج التي استعرضتها لثلاث وزارات خدمية تكشف أننا ما زلنا بعيدين عن متطلبات الحكومة الإلكترونية وكل ما يقال ما زال تنظيرا والواقع مختلف.
وأنا فقط استعرضت نماذج ولم أتحدث مثلا عن التأمينات الاجتماعية صاحبة أكبر موقع إلكتروني أزعج المستخدمين بكثرة تعقيداته، أو صندوق الموارد البشرية الذي لا يعترف بالفواتير الإلكترونية لعملائه وغيرها.
أخيرا .. هل سمعتم بالخدمات الإلكترونية لأمانات المدن أو الرئاسة العامة لرعاية الشباب أو وزارة الحج أو مصلحة الجمارك أو وزارة الشؤون الاجتماعية؟ أخبروني.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي