التعديلات في مميزات التغطية التأمينية .. كيف سيكون أثرها؟
بعد مشاورات واجتماعات قادها مجلس الضمان الصحي التعاوني مشكورا تم تعديل لائحة نظام الضمان الصحي التعاوني وإضافة العديد من المميزات الإضافية للتغطية التأمينية. فاللائحة المعدلة شملت زيادة في الحد الإقصاء لعمر الأبناء المشمولين في النظام الجديد ليصبح 25 سنة بدلا من 18 سنة. كما شملت اللائحة تعديلات في بعض المنافع التي يحصل عليها المريض بما في ذلك زيادة الحد الائتماني الأدنى لبوليصة التأمين من 250 ألف ريال إلى 500 ألف ريال. من جهة أخرى شملت التعديلات زيادة في الحد الأقصى لأتعاب الاستشاري والإخصائي لتصبح 200 ريال و100 ريال للإخصائي (طبيب نائب أول وطبيب نائب ثان) و300 ريال للاستشاري بدلا من 150 ريالا. إضافة إلى زيادة في أتعاب الأطباء في التخصصات النادرة كالقلب وجراحة المخ والأعصاب وجراحات الأوعية الدموية لتصبح 500 ريال بدلا من 250 ريالا. ولعل هذه التعديلات تسهم في تجويد مستوى الخدمة الصحية المشمولة في لائحة التغطية التأمينية، خصوصا أن هذه التعديلات نتاج شراكة بين الأطراف ذات العلاقة كشركات تأمين ومقدمي الخدمات الصحية والمستفيدين من الخدمة ومنظميها.
يمكن النظر إلى هذه التعديلات على أنها تغييرات ستسهم بشكل إيجابي في زيادة المميزات المشمولة في اللائحة التأمينية سواء في تغطيتها (زادت إلى 500 ألف) وشموليتها (زيادة عمر الأبناء إلى 25 سنة) ومنافعها (زيادة في تغطية النظارة إلى 400 ريال) وغيرها من المميزات التي ستسعد بعض المستفيدين من الخدمة التأمينية، خصوصا أصحاب الدخل فوق المتوسط والمرتفع.
لكن من جهة أخرى، هذه الزيادات في المنافع التأمينية ستترتب عليها زيادة في تكلفة بوليصة التأمين والتكلفة المباشرة للمستفيد من الخدمة، خصوصا أصحاب الدخل المحدود، لذا يبقى السؤال الأهم بعد هذه التغيرات: هل ستترتب على هذه التغييرات زيادة عوائق حصول الرعاية الصحية، خصوصا أصحاب الدخل المحدود؟
فإذا أخذنا في الاعتبار أن رواتب أكثر من 68 في المائة من العاملين في القطاع الخاص من غير السعوديين لا تتجاوز ألفي ريال حسب إحدى الدراسات الميدانية عام 2008، فإن زيادة الحد الأقصى لأتعاب الأطباء قد تكون عائقا لأصحاب الدخل المحدود حتى إن كانوا مغطين تأمينيا. فمثلا قد لا يتمكن العامل ممن لا يتجاوز دخله ألف ريال من دفع 300 ريال نظير أتعاب زيارة استشاري، فضلا عن دفع 500 ريال لأتعاب زيارة أحد الأطباء في التخصصات النادرة كالقلب وجراحة المخ والأعصاب وجراحات الأوعية الدموية. بعض الدراسات اعتبرت أن دفع أكثر من 40 في المائة من دخل العامل للحصول على الرعاية الصحية مانعا من حصوله على الرعاية الصحية Catastrophic Payment. ولا شك أن بعض هذه التعديلات ستضطر بعض العمال إلى دفع أكثر من 50 في المائة من دخلهم لزيارة بعض الاستشاريين. لذا يبقى السؤال: من سيدفع المبلغ الواجب الدفع لأصحاب الدخل المحدود من أجل ضمان حصولهم على الرعاية الصحية؟ فهل سيتكفل أصحاب العمل بدفع المبالغ اللازمة للعاملين لديهم، خصوصا أصحاب الدخل المحدود؟ أم هل سيضطر العامل ذو الدخل المحدود إلى الاقتراض من صديق أو غيره من أجل تعويض المبلغ الناقص لضمان حصوله على الرعاية الصحية؟ أم ستنحصر التغطية التأمينية على الرعاية الصحية الأولية لمن مدخلاتهم المالية متدنية بسبب عدم قدرتهم على السداد؟ أم ستتكفل الجهات الخيرية بدفعها؟ أم سيتم علاجهم عبر الجمعيات الصحية الخيرية كـ "رعاية" و"زمزم" أو غيرهما من الجمعيات الطبية الخيرية؟
كما أن هناك سؤالا آخر إلى متى ستستمر الزيادة في ارتفاع التكلفة العلاجية؟ وهل توجد خطوات عملية للحد من هذه الزيادات المستمرة؟
أسئلة يمكن للفترة القادمة أن تسهم في الإجابة عنها.