رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


نون النسوة وحقوق العمل المسلوبة (2)

المقال السابق توقف عند ضرورة الإيداع المباشر في حسابات الموظفين الجدد، خاصة النساء - من صندوق دعم الموارد البشرية, كما ينبغي أن يغطي الدفع بدلا عنهم للتأمينات الاجتماعية عوضا عن الاستقطاع من رواتبهم الضعيفة والعاجزة لتحسين معاشهم، وبما يجعلهم قادرين على الحياة الكريمة في محيط يتصف بالغلاء، وأعراف اجتماعية متطلبة، ومن العسير القفز عليها كواقع سلبي، يحتاج إلى الكثير من الوقت والوعي والتعليم، ليتم التحول عنها إلى ما هو أفضل منها.
إن الواقع القائم يجعل بعض التجار يوظف مواطنا - مجانا - ذلك لأن بعضهم يدفع أقل من الحد الأدنى للأجور من الباطن (2000/2500 ريال فقط) من خلال سماسرة التوطين، وهذه الفئة في حاجة إلى عقوبات رادعة وزاجرة وعاجلة، وبذا يتكسب التاجر بهذا التوطين من خلال التوظيف الصوري، فيدفع مبلغا زهيدا مقابل تغطية خانة التوطين ويقبض دعم صندوق الموارد البشرية لنفسه، غنيمة توطين، وغنيمة الدفع بالطرق الخاطئة إليه, والتي تنتهي في الأخير إلى بقاء طبقة عريضة من الأجيال الصاعدة قريبة من الفقير العفيف الذي لا يمد يده طلبا من الناس.
إن هذا أول ما يجب تعديله، وتصويب الوجهة فيه. وهو لعمري قرار لا يحتاج إلى أكثر من كتابته من وزير العمل، والأمر بنفاذه المعجل، لأنه قرار إجرائي وليس تشريعيا لا يحتاج إلى عرضه على مجلس الوزراء، وانتظار إقراره.
وبالعودة إلى حقوق نون النسوة السعودية في سوق العمل، أحسب أن جملة قرارات ينبغي ألا تتأخر في حقوقهن، أذكر منها:
1 - طباعة كتيب يحتوي على - حقوق العامل - حقوق الموظف، التي لا يعرف قليلا من كثير فيها، جل من دخلن لسوق العمل أخيرا، ما جعلهن يقعن تحت استغلال سيئ، ودنيء .. فتجد بعضهن تحولن إلى - عاملة نظافة - وإلى - محضرة قهوة - ومأمورة مستودع - فيما تم التعاقد معها بعنوان - بائعة تجزئة! وفي الوقت الذي كانت تلك مهام مستقلة كان ينهض بها أكثر من موظف واحد، بات الآن هذا كله يصرف على بند (الجهل بحقوق الموظف)، الجهل بالمسمى الوظيفي، و الوقوف عنده، وأن رب العمل هو وحده المعني بشكل مباشر بتوفير من ينهض بتلك المهام المستقلة التي لا تدخل في نطاق مهام الوظيفة ومسماها. وقد وقعت عيني على موظفات بمسمى مديرة معرض ويلزمن برفع الكراتين، ورصها في المستودع المجاور، وتحضير القهوة للمحاسب متى ما طلب ذلك! وما هذا إلا من الجهل بالحقوق الوظيفية، والوقوف عند حدود الوظيفة والمهام التي نص عليها العقد بالوصف والكيفية الخاصة لها.
إن هذا واجب وزارة العمل، وينبغي أن يكون الكتيب مبسطا، وفيه رسوم توضيحية، كما ينبغي أن يذكر أهم الملاحظات الأولية في العقود. أو أن تفرض وزارة العمل – نماذج للعقود - تقرر فيها كل الحقوق العادلة للطرفين، رفعا للظلم والتعدي على حقوق الضعفاء، من ضعفاء النفوس من التجار والجشعين منهم.
2 - نون النسوة في الدول المتقدمة، يتم النظر إلى حقوقها الخاصة بحاجاتها البيولوجية، كالحمل والدورة القمرية لأرحامهن، والمؤسف أن وزارتي الصحة والتعليم لم تطبقان حق - الراحة لمدة 48 ساعة, على الرغم من أن هذا، حق أولي للمرأة، تقتضيه طبيعة الجسد وحاجاته، وفي مجال البيع قد يسبب هذا الكثير من المواقف السيئة مع العملاء، وعدم القدرة على الصبر، والاحتمال، ما يجعل من الخير الراحة فيه عن العمل، وذلك لحجم الجهد العصبي والإرهاق والشعور بالحاجة الماسة إلى الراحة. إن مما ينبغي أن يتم تشريعه تقرير يومين راحة في الشهر هما يوما (الأمومة) . وينبغي ألا تغفل وزارة العمل الموظفات في القطاع الحكومي أيضا، لأن هذا من الحقوق الإنسانية وثيقة الصلة بالجانب الإنساني والفروقات الحقيقية بين المذكر والمؤنث. ودخول المرأة لسوق العمل لا يعني سلبها طبيعتها، وحاجات جسدها الطبيعية التي جبل الله طبع جسدها عليه، وقد رأيت مصطلح - يومي الأمومة - أفضل لأن الدورة القمرية هي وجع طفولة لم يكتب لها الحياة، وأكثر تهذيبا.
3 - المحال النسائية ينبغي أن تكون ذات دوام واحد متصل، لأن نظام الفترتين يعني أن تعود المرأة إلى بيتها بعد منتصف الليل، وأن تخرج منه في الصباح مبكرا مع الوقوف المتكرر على الأرصفة في مختلف الظروف المناخية لعدم السماح لهن بقيادة السيارة - بما فيها الصعود مع سائقي الأجرة الأجانب، وهذا يعني التأثير المباشر في عدم الاستقرار الأسري للمتزوجات. وجملة توتر وقلق لغير المتزوجات في بقاء فتاة في الأسواق العامة إلى الحادية عشرة ليلا والعودة بسيارة أجرة، وهذا أمر لا يتوقف طوال العام، كان آخرها اغتصاب فتاة وقتلها قبل ثلاثة أسابيع من قبل سائق سيارة الأجرة في محافظة الأحساء.
هذه النماذج وغيرها الكثير هي البداية الناقصة التي لا تجعل تقرير وزارة العمل بالتوظيف تاما ولا كاملا. كما أن معالجة هذه النواحي لا تحتاج إلى أكثر من العناية الحقيقية بها، والشروع في تنفيذها وأنه ينال بالسلطان ما لا ينال بالقرآن. وكذلك التركيز على الوظيفة في إطار خصوصية الأنثى، ومسؤوليات الأسرة، والسلامة الخاصة لها في الطرق العامة وأوقات العمل، وإيجاد الوظيفة في بيئة متكاملة تساعد على الديمومة والبقاء دون أن يكون هناك إخلال أو مقايضة بين متطلباتها الأسرية وبين حاجتها الماسة إلى مرتب وظيفتها، فهذا لا يتفق مع المنطق وهو أمر عسير وبالغ القسوة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي