ابني وتساؤله
الأسبوع الماضي وفي جلسة مع ابني نشاهد برنامجا تلفزيونيا يتعلق بالسيارات وآخر الصيحات فيها "هَم الشباب اليوم"، وفي الفترة الإعلانية فاجأني بسؤال: هل تعلم أن هناك شيئا يسمى الطباعة الثلاثية؟ فأجبته بنعم، وكان رده: هل توجد لدينا (من ضمن أعمالنا فرع للطباعة؟) وأجبته بلا، واستمر النقاش.
وقادني سؤاله لتذكر بدايتي في مجال الطباعة، وكيف كان تشكيل الأحرف يتم باستخدام الأحرف الحديدية، ثم بداية استخدام الماكينتوش (الإصدار الأول من "أبل") لنصل إلى أن أصبحت الطباعة المباشرة الآن من الكمبيوتر إلى ماكينة الطباعة.
حدث ذلك كله خلال فترة وجيزة لا تتجاوز 25 عاما، وهناك كثير من الأمثلة الشبيهة.
وهنا أطرح تساؤلا: ما مصير أصحاب تلك المهن إذا لم يواكبوا التطور المتسارع في قدرات وتأهيل من يشغل تلك الوظيفة؟
ولو تأملنا مئات الآلاف من المخرجات التعليمية سواء من وزارة التربية والتعليم، التعليم المهني، الجامعات والابتعاث الخارجي ومدى تماشيهم مع متطلبات العصر الحالي والمستقبلي واستعدادهم لمواجهة تقدم العصر بشكل سريع ومخيف، ومصدر ذلك التنافس الاقتصادي الكبير بين القطاع الخاص، الذي يقود التطوير المتلاحق في المنتجات، ما يتطلب تطوير خطوط الإنتاج لمواكبة ذلك، وبالتالي تأهيل قدرات من يشغلها، يخدمها ويديرها .
في وطننا من يمكنه أن يقود ذلك التغيير؟ سؤال أطرحه ويأخذني تفكيري للتفكر أهي وزارة العمل؟ وزارة التربية والتعليم؟ وزارة التعليم العالي بصفتها وبحكم مرجعية الجامعات لها؟ المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني؟
وقبل أن أجيب أود أن أؤكد إيماني المطلق بوجود أفراد في جهات مختلفة في وطننا يملكون قدرات كافية كلٌّ في مجاله للإجابة عن تساؤلي، ولكن هل هي مسؤولية أفراد أو جهات تعليمية معينة؟ والجواب لا، هي أكبر من ذلك بكثير.
هي مسؤولية الدولة، وأتفق مع وزارة التخطيط التي تبنت بناء الاستراتيجية الوطنية للاقتصاد المعرفي وفق الرؤية التالية "بحلول عام ٢٠٣٠ تصبح المملكة مجتمعا معرفيا في ظل الاقتصاد القائم على المعرفة مزدهر متنوع المصادر والإمكانات، تقوده القدرات البشرية المنتجة والقطاع الخاص، ويوفر مستوى معيشيا مرتفعا، ونوعية حياة كريمة، وتتبوأ مكانة مرموقة كدولة رائدة إقليميا ودوليا"، وأوصت بأن ينشأ لها جهاز خاص لتنفيذها وبإشراف من المجلس الاقتصادي الأعلى الذي أحد مكونات غايته "تعزيز مقدرة الاقتصاد الوطني على التفاعل بمرونة وكفاءة مع المتغيرات الاقتصادية الدولية".
هو أفضل من يمكنه قيادة الإشراف على التغيير المأمول في كيفية تأهيل شبابنا لمواجهة التغيرات المتسارعة عالميا ومواكبتها.