رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


الخدمات الصحية في دول الخليج .. مصادر التمويل

الناس هم مصدر تمويل الخدمات الصحية للدول عالية الدخل عبر الضرائب أو الاقتطاع الشهري من الراتب، كما أن المعاونة الخارجية هي إحدى أهم وسائل تمويل الخدمات الصحية لدى الدول الفقيرة أو محدودة الدخل. دول الخليج العربي تصنف من قِبل البنك الدولي على أنها دول عالية الدخل، لكنها تشترك مع الدول محدودة الدخل في آلية تمويل خدماتها الصحية. فالمصدر الرئيس لتمويل الخدمات الصحية في دول الخليج هو مصدر خارجي لكنه طبيعي وقابل للنضوب (النفط). فالنفط أو الغاز أهم مصادر تمويل الخدمات الصحية في دول الخليج العربية. لكن بعض دول الخليج كقطر مثلاً تمول بعض نفقاتها الصحية - وإن كان بشكل محدود أو جزئي - من دخول ضريبة كضرائب الخطيئة sin taxes كالضرائب المفروضة على القمار والكحوليات والتدخين. المملكة العربية السعودية لم تستخدم مدخولات التدخين كجزء من مصادر تمويل خدماتها الصحية على الرغم من أن المملكة العربية السعودية الرابعة عالمياً في استهلاك التبغ حسب ما ذكر أحد التقارير.
تتميز دول الخليج بأن نسبة الإنفاق على الصحة من مجموع الإنفاق العام أعلى مما تنفقه الدول عالية الدخل إجمالاً على الصحة كنسبة من مجموع الإنفاق العام. فمثلاً، إجمالا تشكل النفقات الحكومية على الصحة لدول الخليج العربي أكثر من 70 في المائة من مجموع نسبة النفقات الصحية بينما نسبة الإنفاق الحكومي للدول عالية الدخل تشكل بحدود 62.2 في المائة من مجموع الإنفاق الحكومي. لكن هذه النسبة لا تعني إطلاقاً أن دول الخليج العربي تنفق على الصحة أعلى مما تنفقه الدول عالية الدخل كنصيب الفرد من مجموع الإنفاق العام. فمثلا عام 2008 وحسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية، فإن نصيب الفرد من الإنفاق على الصحة إجمالاً لدول الخليج العربي بحدود 857 دولاراً بينما تنفق الدول عالية الدخل بحدود 2609 دولارات. كما أن دول الخليج تختلف فيما بينها في نسبة الإنفاق على الصحة. فمثلاً قطر أعلى الدول الخليجية إنفاقاً على الصحة حسب تقارير منظمة الصحة العالمية.
تشكل مدخولات النفط المصدر شبه الوحيد في تمويل المدخولات الصحية لدول الخليج العربي بما في ذلك المملكة العربية السعودية. لذا فهناك علاقة واضحة بين ارتفاع سعر النفط مع ارتفاع الميزانيات الصحية. ففي السنوات التي وصل فيها سعر النفط لمستويات متدنية خصوصا في تسعينيات القرن الماضي كانت الميزانية الصحية متدنية أيضاً. ومما زاد مشكلات تمويل الخدمات لصحية لدى دول الخليج التزامها بتقديم رعاية صحية شبه مجانية لمواطنيها في ظل زيادة مضطردة لعدد السكان. هذه السياسة الصحية دفعت دول الخليج لاستخدام طرق مختلفة ليس لإيجاد بدائل تمويلية جديدة ولكن للحد من استخدام الخدمات الصحية من قبل العمالة غير الوطنية. فأعداد هذه العمالة كبيرة جداً بل وفي كثير من الدول الخليجية أعداد هذه العمالة تزيد على تعداد أبناء البلد الأصليين كما تشير العديد من الإحصائيات.
المملكة العربية السعودية من ضمن الدول الخليجية التي تواجهها صعوبات في إيجاد بدائل موثوقة تسهم في تمويل الخدمات الصحية بشكل ثابت. لكن مشكلة تمويل الخدمات الصحية ليست محصورة في إيجاد بدائل تمويلية ليس فقط تمويلية بل في كيفية إدارة وتوزيع الصرف على الخدمات الصحية. فمثلا على الرغم من أن مصدر تمويل الخدمات الصحية شبه موحد (البترول)، لكنها تشتت مدخولات هذا المصدر عبر الصرف على عدة قطاعات حكومية أخرى إضافة لوزارة الصحة كالدفاع والداخلية والعديد من المؤسسات الحكومية الأخرى. كل قطاع من هذه القطاعات له ميزانياته الصحية والشريحة المستهدفة واستقلاليته. كما أن هذه القطاعات تقدم خدمات شاملة بما في ذلك الرعاية التخصصية والتأهيلية، إضافة إلى الرعاية الأولية والثانوية. هذا التشتت في المصروفات على الخدمات الصحية ليس معيقاً في حد ذاته، لكنه بصورة غير مباشرة أدى إلى اختلاف نصيب الفرد من الميزانية السنوية الحكومية وهو ما سأتحدث عن كيفية التعامل معه في مقالات لاحقة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي